ارتفعت تكاليف معيشة الأسرة السورية خلال الشهرين الأخيرين بنحو 560 ألف ليرة، لتصل بحسب مركز "قاسيون" في دمشق إلى نحو 1.8 مليون ليرة شهرياً، إثر ارتفاع أسعار الطاقة والمنتجات الغذائية بنحو 30 في المائة واستمرار التدهور الشديد في القدرة الشرائية لليرة، أما الراتب الشهري فمتوسطه لا يزيد عن 72 ألف ليرة سورية.
وبينما يحدث ذلك بات الفساد ينخر في بنية المجتمع، ولجأ كثيرون إلى التهريب والسوق السوداء لسد الفجوة ما بين الدخل والإنفاق الأسري، بعد بيع ما تبقى من ممتلكات.
ولا يخلو الأمر من وجود بعض من اختاروا درب الجريمة، حيث وصل عدد الجرائم حتى بداية الربع الثالث من العام الجاري، إلى 366 جريمة قتل و3663 حالة سرقة، بحسب مدير الأمن الجنائي "حسين جمعة".
وأضاف "جمعة" خلال تصريحات أدلى بها مؤخرًا، أن قسم الإحصاء سجل أيضاً 120 حالة تزوير للعملة، إضافة إلى 2531 جريمة معلوماتية، لتتصدر سورية قائمة الدول العربية بارتفاع معدل الجريمة، وتحتل المرتبة التاسعة عالمياً للعام 2021، بحسب موقع "نامبو كرايم أندكس" المتخصص بمؤشرات الجريمة في العالم.
من يؤمن أرضية الفساد؟
يرى الباحث السوري "زيد حسون"، أن الحكومة تؤمن المناخ المناسب للفساد والجريمة، فإتاوت الحواجز الأمنية المنتشرة على الطرقات، وخاصة في مدينة حلب، وطلب الرشى العلاني من الدوائر الحكومية وفساد المسؤولين واستقواؤهم بمناصبهم، تعتبر مجتمعة تشريعاً رسمياً للرشوة والجريمة، كما أن غياب الرقابة الحكومية عن الأسواق يزيد من بيئة الفساد ورفع الأسعار والتزوير.
ويضيف "حسون" في حديثه لصحيفة "العربي الجديد"، أن تعدد الأسعار في السوق السورية وتنامي ما يسمى السوق السوداء، يعتبر العامل الأهم لزيادة الفساد والسرقات، إذ إن الدولار مثلاً له ثلاثة أسعار وللمازوت أربعة وحتى للخبز اليوم أصبح يباع بأسعار متعددة، فربطة الخبز التي تباع داخل الأفران بمئتي ليرة، تباع أمامها بأكثر من ألف ليرة.
ويكشف الباحث أن الفقر وارتفاع الأسعار أوصلا طلبة الجامعات للتنقل بسيارات القمامة ودفع كثيرين للبحث عن غذائهم بحاويات النفايات.
ثم يضيف "حسون" إلى أنه عدا سرقات المحال التجارية وحتى فروع المؤسسات الحكومية، "وثقنا خلال دراسة حتى النصف الأول من العام الجاري، سرقة 122 محل صياغة ذهب بدمشق وحمص واللاذقية فقط، ولكن أكثر حالات السرقة والابتزاز تتم بمدينة حلب، خاصة بعد اعتقال رجال الأعمال والصاغة وابتزاز أهلهم بالمال ليتم الإفراج عنهم من فرع الخطيب للأمن بدمشق (تابع لجهاز أمن الدولة)".
ثقافة التعاطف مع الفساد:
يشير وزير العدل السابق "نجم الأحمد"، إلى عدم ظهور تطبيق "شعار مكافحة الفساد" على أرض الواقع، لافتاً إلى الأثر السلبي للحرب التي مرت بها البلاد على مدار عقدٍ من الزمن، والتي أفرزت نتائج سلبية كثيرة.
وفي إشارة إلى المهربين والفاسدين في جسد الحكومة، يقول "الأحمد": "لقد انتشرت ثقافة التعاطف مع الفساد أو القبول بالأمر الواقع، وتكرست ثقافة من لا يدفع المال لن يتمكن من الحصول على الخدمة، لكن الأخطر برأي الوزير السابق، هو تسويق الفاسدين ليتحدثوا بوسائل الإعلام عن الفساد "وينظرون له"، ما أدى لتشكيل كتلة فساد صلبة أفرادها في موقع اللامساءلة."
الي بسمعط بئول سوريا ماكان فيها رشاوي قبل الحرب