
أعلنت "غرفة تجارة إسطنبول" عن بدء تحرك رسمي لاستكشاف فرص الاستثمار في سوريا، في خطوة تعبّر عن تحوّل واضح في الرؤية الاقتصادية التركية تجاه السوق السوري بعد سنوات من القطيعة والتوترات التي كانت أيام النظام السابق.
وفد تركي يزور سوريا
قال رئيس غرفة تجارة إسطنبول "شكيب أفداغيتش" في بيان صحفي نقلته وكالة "الأناضول"، إن الغرفة أرسلت اثنين من أعضاء مجلس إدارتها إلى سوريا للقيام بجولة ميدانية ودراسة الإمكانات الاستثمارية على الأرض. وخلال الزيارة، التقى الوفد بالسفير التركي في دمشق "رهان كور أوغلو"، كما أجرى اجتماعات مع غرفة تجارة دمشق وعدد من الصناعيين السوريين.
تكامل اقتصادي محتمل
وأشار "أفداغيتش" إلى أن هناك إمكانية كبيرة لتحقيق اندماج سريع بين تركيا ورجال الأعمال السوريين، وخصوصاً أولئك الذين عاشوا في تركيا خلال سنوات الحرب، وعادوا اليوم إلى سوريا وهم يمتلكون خبرات مزدوجة يمكن أن تساهم في تنمية السوق السوري.
وأوضح أن التطور التكنولوجي الذي تشهده تركيا يمكن توظيفه بشكل فعّال في دعم عملية الاستثمار في سوريا، مضيفاً: "يمكننا الاستفادة من مزايا الاستثمار في جارتنا سوريا، إلى جانب الخبرة التركية، لنحقق معاً مكاسب اقتصادية متبادلة وسريعة."
حلب ودمشق ضمن الاهتمام التركي
وفي سياق حديثه، شدد "أفداغيتش" على أهمية مدينة حلب، مشيراً إلى إمكانية إدراجها ضمن جدول الأعمال الاستثماري التركي، نظراً لقربها الجغرافي من تركيا وارتباطها التاريخي والاقتصادي الوطيد بها، إلى جانب العاصمة دمشق.
استثمارات تركية في مرحلة انتقالية
من الجدير بالذكر أن هذا التوجه يأتي في وقت تُظهر فيه تركيا رغبة في تنشيط قطاعاتها الصناعية والتجارية عبر توسيع نطاق استثماراتها الإقليمية. وتُعد سوريا سوقاً واعدة من حيث اليد العاملة منخفضة التكاليف واحتياجات إعادة الإعمار الضخمة، ما يفتح الباب أمام الصناعات التركية لتأدية دور محوري في هذه المرحلة.
تعافٍ تجاري نشط
- ارتفعت الصادرات التركية إلى سوريا بنسبة 37% خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بما في ذلك قفز صادرات الآلات إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، وزيادة في المعادن غير الحديدية بنحو 100%، وزيادة في الصناعات الزجاجية والسيراميكية بنسبة 73%.
- كما أظهرت بيانات أخرى قفز صادرات الآلات التركية إلى سوريا بنسبة 244% في شهر واحد خلال 2025، مع نمو أيضًا في صادرات الأسمنت، الزجاج، السيراميك والفواكه والخضراوات .
مشاريع بنية تحتية ضخمة
- أبرمت شركات تركية مثل Kalyon GES Enerji Yatirimlari وCengiz Enerji اتفاقات لتوسيع شبكة الكهرباء السورية.
- كذلك أعلنت تركيا عن تزويد سوريا بما يصل إلى 2 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، ما يسهم في توليد نحو 1,300 ميغاواط إضافي من الكهرباء، بصفتها شريكًا مهمًا في إعادة تشغيل محطات الطاقة السورية.
فرص التمويل والتسهيلات المصرفية
- كشف الرئيس التنفيذي لبنك Garanti BBVA أن رفع العقوبات الغربية سيسهم في تمكين المصارف التركية من تمويل الشركات العاملة داخل سوريا، الأمر الذي كان محدودًا سابقًا.
- كما بدأ عدد من الدول الخليجية والمؤسسات الدولية بإعلان تمويل وعود لإعادة الإعمار، لكن التنفيذ الفوري لا يزال قيد الترتيب .
ختامًا، ففي ضوء التحركات التركية المتسارعة نحو السوق السوري، تبدو زيارة غرفة تجارة إسطنبول خطوة هامة ضمن مسار طويل لإعادة بناء جسور التعاون الاقتصادي بين البلدين. ومع انفتاح الأبواب تدريجياً، يبقى نجاح هذه المبادرات مرهوناً بالاستقرار السياسي والتنسيق الإقليمي الفعّال.