
في خطوة تهدف إلى إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية وتوسيع آفاق التعاون الثنائي، أعلنت سوريا والأردن عن التوصل إلى تفاهم مشترك للتعاون في ثمانية قطاعات اقتصادية حيوية تشمل: النقل، الزراعة، الجمارك، المواصفات والمقاييس، الغذاء، الدواء، المدن الصناعية، والمناطق الحرة.
جاء هذا الاتفاق خلال اجتماعات اللجنة الاقتصادية التجارية الأردنية السورية التي عقدت في العاصمة الأردنية عمّان، برئاسة "يعرب القضاة" وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني، و"محمد نضال الشعار" وزير الاقتصاد والتجارة السوري.
التزام سياسي بتعزيز التعاون
أكد الوزيران خلال اللقاء الثنائي الذي سبق انطلاق أعمال اللجنة، على ضرورة تذليل كل المعوقات التي تعرقل التبادل التجاري بين البلدين، وعبّرا عن التزام حكومتيهما بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الأول للمجلس التنسيقي الأعلى، الذي انعقد سابقاً في دمشق برئاسة وزيري الخارجية في البلدين.
وشدد "يعرب القضاة" على أهمية انتظام اجتماعات اللجنة المشتركة لضمان استمرارية التعاون، خصوصاً في ظل التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة، مشيراً إلى أن التفاهمات الجديدة تعكس إرادة حقيقية في تحويل العلاقات السياسية الإيجابية إلى شراكات اقتصادية فاعلة.
من جانبه، أكد "محمد نضال الشعار" أن انعقاد اللجنة يعكس حرص الطرفين على تنفيذ ما يتم التوافق عليه على أرض الواقع، مضيفاً أن العلاقات بين سوريا والأردن قائمة على أسس تاريخية متينة، ويمكن البناء عليها لتطوير مجالات التعاون الاقتصادي.
دعم من القطاع الخاص ونتائج ملموسة
القطاع الخاص في كلا البلدين أبدى دعمه الكامل للخطوات المتخذة، معتبراً أن التوافقات الأخيرة تسهّل التجارة الثنائية وتساهم في تسهيل حركة رجال الأعمال. وقد اعتُبر هذا مؤشراً إيجابياً على عودة النشاط التجاري بين البلدين بعد فترات من الجمود.
كما قدمت "دانا الزعبي"، الأمينة العامة لوزارة الصناعة والتجارة والتموين، التي ترأست الجانب الأردني في الاجتماعات التحضيرية، و"باسل عبد الحنان" نائب وزير الاقتصاد والصناعة السوري، إيجازاً مشتركاً تضمن ملخص ما تم التوصل إليه خلال الاجتماعات.
أبرز النقاط المتفق عليها
من أبرز مخرجات الاجتماعات:
- تشكيل لجان فنية متخصصة للتعامل السريع مع التحديات التي تواجه حركة التبادل التجاري.
- مراجعة اتفاقية التجارة الحرة الثنائية وتفعيلها عملياً.
- إعداد قوائم سلع ذات أولوية للتبادل التجاري.
- دعم مخرجات لجنة النقل البري، خاصة بما يتعلق بالتجارة البينية.
- الاتفاق على فتح معبر باب الهوى أمام حركة الترانزيت.
- استكمال أعمال صيانة الخط الحديدي الحجازي من الجانب السوري.
كما اتفق الجانبان على إطلاق خطة عمل متكاملة تهدف إلى بناء قدرات الكوادر السورية، من خلال تنظيم برامج تدريبية متخصصة تشمل مجالات متعددة مثل: حماية المستهلك، المنافسة، مراقبة الأسواق، حماية الإنتاج الوطني، التموين، إدارة المستوعبات، تسجيل العلامات التجارية (الملكية الصناعية)، إصدار شهادات المنشأ الإلكترونية، تطوير قواعد بيانات القطاع الصناعي، التحول الرقمي، الزراعة، الغذاء، الدواء، والمواصفات والمقاييس.
وخلال الاجتماعات، تمّت مناقشة آليات تسريع تسجيل الأدوية الأردنية في السوق السورية، وأكد الجانب الأردني استعداده لتقديم الدعم الفني ونقل خبراته، لا سيما في مجالات الرقابة والتفتيش، التخزين الأفقي، والتحول الرقمي، إلى جانب تطوير منتج رقمي يوثق التجربة الأردنية في مجالات التدريب والأتمتة.
كما شدد الطرفان على أهمية وضع مواصفات قياسية مشتركة والعمل على إطار زمني للاعتراف المتبادل بالمواصفات الفنية، مع التأكيد على اعتماد شهادات المطابقة الصادرة عن مؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية لدخول السلع إلى الأسواق السورية.
وفي الجانب الزراعي، تم تبادل قوائم المنتجات الزراعية التأشيرية القابلة للتبادل التجاري، مع تحديد فترات تصدير تراعي المواسم الإنتاجية في كلا البلدين.
وفي ختام الاجتماعات، وقع الجانبان على محضر أعمال اللجنة المشتركة، واتفقا على عقد الدورة المقبلة في العاصمة السورية دمشق، على أن يُحدد موعدها لاحقًا.
في حال تم تنفيذ هذه التفاهمات على أرض الواقع، قد تمثل نقطة تحوّل حقيقية في مسار العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتفتح الباب أمام مزيد من التعاون في مجالات أوسع مثل الطاقة والسياحة والخدمات اللوجستية.