
في خطوة تُعَدّ بمثابة تمهيد لتحول اقتصادي كبير، أكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري "د. محمد نضال الشعار" أن الحكومة تعمل على تعديل قوانين الاستثمار لتتماشى مع مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي، مشيرًا إلى أن سوريا تمتلك مقومات طبيعية وبشرية قادرة على جذب الاستثمارات، وفي مقدمتها الأيدي العاملة الماهرة والموقع الجغرافي الاستراتيجي.
4 مدن صناعية جديدة… واستثمار في الصناعات الزراعية
وخلال مشاركته في قمة الإعلام العربي 2025، كشف "الشعار" في مقابلة مع CNBC عربية عن نية الحكومة السورية إنشاء أربع مدن صناعية حديثة، سيتم توزيعها في مناطق تتمتع بوفرة في المواد الخام. وأكد أن هذه الخطوة تأتي في إطار خطة شاملة لإحياء قطاعات الإنتاج الوطني، خاصة الصناعات الزراعية، والتي وصفها بأنها "مستقبل واعد لسوريا"، داعيًا إلى تحويل الثروات الزراعية إلى صناعات تحويلية ذات قيمة مضافة.
تحسن في مؤشرات التصدير… ودعم للبنية التحتية
أوضح الوزير أن حجم الصادرات السورية ارتفع بنسبة تجاوزت 10% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وهو ما يعكس، وفق تعبيره، مؤشرات إيجابية على انتعاش تدريجي في الاقتصاد. وأضاف أن هناك جهودًا لتوسيع الصناعات التي تسهم في دعم البنية التحتية، مثل قطاع الإسمنت، إلى جانب وجود مقترحات تعاون صناعي قيد الدراسة مع عدة دول أوروبية.
كما أشار "الشعار" إلى وجود "استعداد فعلي" لاستقطاب معامل إنتاج جديدة إلى سوريا، وذلك في إطار مرحلة إعادة الإعمار الصناعي.
رفع القيود عن الاستثمار… وتوقعات بتحسن الناتج المحلي
في سياق متصل، توقّع الوزير تحقيق نمو ملموس في الناتج المحلي الإجمالي خلال عامي 2025 و2026، مشيرًا إلى أن الحكومة ألغت عددًا من القرارات السابقة التي كانت تحدّ من حرية الاستثمار. وأوضح أن هذه الإصلاحات تهدف إلى "تهيئة بيئة اقتصادية مرنة وأكثر جذبًا لرؤوس الأموال".
لا تغيير للعملة قريباً… وانتعاش في صناعة النسيج
رغم التحديات المرتبطة بالسياسة النقدية، استبعد "الشعار" أي تغيير قريب في العملة السورية، مؤكدًا أن هذا القرار مرتبط بمعطيات أعمق تتعلق بالاستقرار المالي. من جهة أخرى، لفت إلى أن أكثر من 500 مصنع نسيج قد عاد إلى العمل مؤخرًا، وهو مؤشر آخر على بدء عودة النشاط الصناعي إلى مستويات متقدمة تدريجيًا.
الشراكات الإقليمية قيد التحديث… واحتمال خصخصة شركات
كشف "الشعار" عن وجود اهتمام من مستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة الإمارات، بالفرص الصناعية في سوريا. لكنه أوضح أن معظم اتفاقيات الشراكة السابقة مع تلك الدول تم تعليقها مؤقتًا بغرض مراجعتها وتحديثها قانونيًا من قبل القضاء السوري.
وفي قطاع المال، أشار الوزير إلى إمكانية خصخصة عدد من الشركات العامة خلال العامين أو الثلاثة القادمين، مع احتمالية إدراجها لاحقًا في الأسواق المالية السورية.
رفع العقوبات وبدء مرحلة اقتصادية جديدة
يأتي هذا الحراك الاقتصادي بعد رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا، وهو ما فتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانفتاح على الاستثمار الأجنبي. وقد بدأت بالفعل مؤشرات على اهتمام متزايد من مستثمرين إقليميين ودوليين، خصوصًا في قطاعات حيوية مثل الطاقة، والصناعات الزراعية، والبنية التحتية.
ويرى خبراء أن هذه الخطوة تمثّل تحوّلًا نوعيًا في المشهد الاقتصادي السوري، إذ أنها تعيد ربط البلاد بالأسواق الدولية وتعزز من فرص الشراكة والتكامل الإقليمي.