خلال الفترة الماضية، زادت حدة الأصوات التي تؤكد على مدى أهمية السعودية في تولي زمام القيادة في أسواق النفط العالمية، بل كانت المطالبة في بعض الأحيان بترك إدارة أسواق النفط بالكامل تحت تصرف المملكة بسبب النتائج الملموسة التي ظهرت بعد توليها الإدارة وترؤسها مجموعة أوبك بلاس.
في تقريرٍ نشره موقع فوربس الشرق الأوسط، يشرح الخبير "عايض ال سويدان" الأسباب والدوافع التي جعلت السعودية تكتسب ثقة قادة العالم بهذا الشكل.
السعودية أنقذت العالم من كارثة وشيكة بمطاوعتها لمصالح الاقتصاد العالمي:
وفقًا لرأي البعض فإن أهم مبرر للمطالبات المتعلقة بترأس السعودية لأسواق النفط، هو نجاح المملكة من خلال رئاستها لمجموعة العشرين عام ٢٠٢٠ بانتشال الاقتصاد العالمي في أشد الظروف قساوة، وذلك بعد أن تمكنت من التوصل لاتفاقية هي الأكبر في تاريخ صناعة النفط بخفض قرابة 10 ملايين برميل يوميًا تستمر لأكثر من سنتين متتاليتين بالتدرج في التخفيض وبحسب ما تتطلبه الأسواق لامتصاص صدمة انخفاض الطلب العالمي جراء الجائجة.
وهذه الاتفاقية كانت كفيلة بإعادة التوازن إلى أسواق النفط العالمية ليس على المدى القصير وحسب بل تجاوزته إلى المدى المتوسط أيضا. ومن هذا المنطلق يدرك حيتان الاقتصاد في العالم جيدًا مدى أهمية دور السعودية المطاوع لمصالح الاقتصاد العالمي.
وهكذا أبرزت السعودية أمام العالم بأن هدفها الرئيسي هو استدامة وضمان استمرار الإمدادات بما يتناسب مع الطلب العالمي مع تقليص المخزونات الفائضة.
نسب التزام لافتة وضم العديد من الدول:
لم تشهد أي اتفاقية نفطية سابقة بمثل نسب الالتزام التي تعيشها منظمة أوبك وأوبك بلاس حاليًا، وهذا الفضل يعود -وفقًا لخبراء - لوزير الطاقة السعودي ومقترحه بالاجتماع الشهري للجنة المراقبة الوزارية حيث تعنى هذه اللجنة بمراقبة مستويات الامتثال عن كثب وإعطاء مقترحات عن وضع الأسواق النفطية ومن ثم مشاركتها مع وزراء النفط في اليوم التالي.
عدد الدول المنظمة لاتفاقية أوبك+ هو 23 دولة ويعتبر الأكبر من حيث العدد لكن أيضًا هو الأكثر التزاما بين الاتفاقيات السابقة حيث تجاوزت نسب الالتزام في بعض الأشهر 100%.
سياسة نفطية تصب في مصلحة الجميع:
سياسة المملكة النفطية كانت مسالمة ومطاوعة لجميع الأطراف تقريبًا، حيث يتم مراعاة مصالح جميع الأطراف والقوى، والتوازن بين الحاضر والمستقبل.
هذا النهج المعتدل للمملكة يرتكز على التعاون الدولي، التنمية الاقتصادية، والتركيز على مصلحة العالم ككل، وإذا كنا سنقولها بصريح العبارة فهو نهج مرضي للقوى الكبرى أولًا وأخيرًا.
حسن التعامل مع المضاربين وطاقة إنتاجية كبيرة:
عملت المملكة للمحافظة على طاقة إنتاجية فائضة في جميع الأوقات مع تكلفتها المرتفعة، كما أبانت عزمها في الاتفاقيات النفطية والعمل بشكل جاد لتضييق الخناق على المضاربين.
وقد أكّد وزير الطاقة السعودي "الأمير عبد العزيز بن سلمان" بنفسه انّ "أسواق النفط ليست للمضاربة ومن يراهن على ذلك سوف يتألم".
وهكذا كانت الطاقة الإنتاجية الفائضة واحدة من أهم سياسات المملكة النفطية للمحافظة على استقرار أسواق النفط بالموازنة بين العرض والطلب، معتمدةً بذلك على ما تملكه من طاقة إنتاجية عالية، وطاقة فائضة تم اختبارها في أكثر من مكان وزمان.
حيث كان الهجوم الإجرامي على أكبر منشأتين نفطية والذي خرج على إثرها قرابة 507 ملايين برميل أكبر دليل على نجاح هذه السياسة من خلال تجنيب الأسواق النفطية التقلبات الحادة سواء في الأسعار أو في مستويات الطلب. بالإضافة للهجمات المتكررة على ناقلات النفط في الخليج العربي أو البحر الأحمر الأخيرة حيث لم يكن هناك تأثير يذكر على الأسعار وتحركاتها.