يربط معظم المحللين الاقتصاديين وبعض المسؤولين الحكوميين السابقين، بين قيام الحكومة السورية بطرح الفئة الجديدة من العملة السورية بقيمة 5 آلاف ليرة. وبين حالة الانهيار التي أصابت الاقتصاد السوري. وأدت إلى ارتفاع مستويات التضخم وتراجع القيمة الشرائية لليرة السورية.
وتدافع الحكومة السورية عن خطوة طرح فئة الـ5 آلاف في الأسواق السورية. وتقول إنها لن تساهم بأي أثر سلبي على الاقتصاد السوري. وتدّعي أنها درست الاقتصاد السوري جيداً وطرحتها وفقاً للمعطيات الأمثل.
ولتوضيح الأثر الذي تركه طرح الفئة الجديدة من العملة. يمكننا تقديم مقارنة بسيطة بين الأوضاع الاقتصادية السورية قبل طرح الـ5 آلاف ليرة وبعده.
هبوط سعر صرف الليرة السورية عقب طرح العملة الجديدة
هبط سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي واليورو وعموم العملات الأجنبية الأخرى.، وفقدت العملة السورية خلال شهر واحد فقط نحو 18 في المائة من قيمتها بمبلغ قدره 650 ليرة.
وسجل سعر صرف الدولار في العاصمة السورية دمشق 2960 ليرة في اليوم الذي أُطلقت فيه عملة الـ5 آلاف (24 كانون الثاني 2020). فيما هبطت الليرة أمام الدولار إلى مستويات 3600 في تداولات الخميس 25 شباط (شاهد سعر صرف الدولار وفق التسلسل الزمني).
ويرجع المحللون السبب إلى مساهمة العملة الجديدة برفع مستوى التضخم، بسبب عدم سحب المصرف المركزي عملات قديمة تساوي مقدار العملة الجديدة المطروحة في الأسواق.
غلاء سعر الذهب في سوريا بعد طرح الـ5 آلاف
وفي طبيعة الحال… وبما أن القيمة الفعلية لليرة السورية قد تراجعت قوتها، فإن ذلك لن يكون أمام العملات فقط. ووفق المعطيات فقد حقق الذهب في سوريا أسعاراً قياسية لم تسجل في تاريخ البلاد.
وارتفع سعر الذهب الرسمي في سوريا نحو 18 في المائة خلال شهر واحد بفارق بلغ 33 ألف ليرة. ورغم عدم اعتراف الحكومة بانهيار قيمة الصرف أمام العملات الأجنبية، إلا أن تحديد سعر الذهب أكبر من أن يتم التلاعب في سعره بهذا الشكل.
وحددت "الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات بدمشق". سعر مبيع غرام الذهب عيار 21 في دمشق يوم إطلاق العملة الجديدة بتاريخ 24 كانون الثاني، 150 ألف ليرة سورية. فيما حددت اليوم الخميس 25 شباط في نشرتها سعر الغرام الواحد 183 ألف ليرة.
غلاء أسعار المشتريات والغذائيات
قفزت أسعار عموم السلع والبضائع في الأسواق السورية بعد طرح فئة الـ5000 ليرة. وخاصة المواد الغذائية والتموينية، بنسبة تجاوزت 30% لبعض السلع.
وبدت العملة الجديدة وكأنها تسليط للضوء من قبل الحكومة على فقدان العملة لقيمتها في ظل أوضاع اقتصادية غاية في السوء. ومع غلاء الأسعار وفقدان كثير من السلع من الأسواق تراجعت بالمقابل الحركة الشرائية المتدنية -أساساً-، بسبب فقدان المواطنين لمدّخراتهم وأموالهم المستنزفة.
وكمثال عن ارتفاع أسعار المواد التموينية بشكل تقريبي: فقد قفز متوسط سعر الأرز من 2000 ليرة إلى 3000. وسعر الكوسا والباذنجان من 2000 ليرة إلى 3100. ولحم الغنم من 17 ألف إلى 25 ألف. ولتر الحليب من 800 إلى 1200.
غلاء أسعار العقارات بعد طرح العملة الجديدة
ومع هبوط السعر الحقيقي لليرة السورية والانهيارات المتتالية التي أصابت الاقتصاد السوري التي زادت بعد طرح فئة الـ 5000 ليرة. ومع منع الحكومة المواطنين من حيازة العملات الأجنبية، لجأ التجار ومن تبقى من أصحاب الأموال لشراء الذهب الكسر (الخشر) لادخار أموالهم وتجنب خسارتها، فلجأ النظام إلى منع بيع وشراء الخشر لغير الحرفيين. فلم يبق أمامهم سوى اللجوء إلى شراء العقارات السكنية لحفظ أموالهم واستثمارها بقطاعات آمنة إلى حد ما.
فعلى الرغم من أن حركة الشراء قليلة وشبه معدومة، والموظف يحتاج إلى 200 سنة من العمل لتأمين سعر منزل متواضع… شهدت أسعار العقارات ارتفاعاً بعد إطلاق العملة الجديدة، ووصلت نسبة الزيادة في السعر أكثر من 20%.
وبات سعر المسكن في دمشق نحو 100-150 مليون ليرة سورية، وفي المناطق العشوائية 30 مليون على الأقل. بينما وصل سعر بعض البيوت في البرامكة إلى مليار ليرة، وبلغت الذروة في حي الميدان على مستوى سوريا بسعر 2.5 مليار ليرة. وهذه الأسعار تفوق القدرة الشرائية لدى أكثر من 95% من الشعب السوري. ويطبق على أسعار بيع وشراء العقارات ارتفاع أسعار أجار العقارات أيضاً.