تعتمد الكثير من الأسر في سوريا على الدعم الحكومي للسلع المدعومة -بشكل محدود- المتوفرة بمراكز معينة في الأسواق التجارية السورية. حيث تساعدهم الأسعار المخفّضة على تأمين بعض السلع والمنتجات بسعر أرخص من سعر السوق. في ظل الأوضاع المادية والمعيشية الخانقة التي يعاني منها عموم المواطنين السوريين.
وعلى الرغم من قيام الحكومة السورية برفع أسعار هذه السلع بين الفينة والأخرى، إلا أنها تبقى إلى حد ما أرخص من سعرها في السوق بنسبة تتجاوز الـ20 أو 30 في المائة. وهو على قلته يساهم في تأمين لقمة العيش للعديد من العائلات التي لم تعد تستطيع تأمين لقمة عيشها. ويبدي الكثير من المواطنين البسطاء مخاوفهم من توقف الدعم الحكومي المحدود لهذه السلع المحدودة، إذ وصفها المواطنون بقولهم "الرمد أفضل من العمى". مع ازدياد التلميحات والتصريحات الحكومية مؤخراً حول إمكانية الاستعاضة عنها بطرق أخرى، أو تخفيض نسب الدعم الحالية.
تقلبات خطة الحكومة السورية حول "الدعم الاجتماعي"
إن توجه الحكومة في تحديد مقدار الدعم المندرج في الموازنة العامة السنوية متقلب صعوداً وهبوطاً. وهو ما يعكس مقدار اتساع حاجة المواطنين للدعم الاجتماعي بعد أن تجاوز خط الفقر بينهم 90 في المائة.
ففي عام 2019 كانت الخطة الحكومية المعلنة في الموازنة العامة، تحديد قيمة الاعتمادات المالية المخصصة لبند الدعم الاجتماعي 811 مليار ليرة سورية. وتم تخفيض مساهمة الدولة في تثبيت أسعار بعض السلع والخدمات الرئيسية إلى 373 مليار ليرة في موازنة عام 2020. وبلغت نسبة التخفيض أكثر من النصف، فيما قفزت الاعتمادات في موازنة عام 2021 إلى أضعاف تلك المبالغ. مع تراجع قيمة صرف الليرة السورية والفقر المدقع المتفشي بين المواطنين.
ارتفاع مخصصات الدعم مرتبط بانهيار الليرة السورية
وارتفعت قيمة الاعتمادات المخصصة لدعم المشتقات النفطية وفق مضمون البيان المالي المقدم من الحكومة إلى مجلس الشعب من 11 مليار ليرة في موازنة 2020 إلى 1500 مليار ليرة في موازنة 2021. وبلغ الدعم المقدر للدقيق التمويني والخميرة الأساسي في توفير الخبز في موازنة 2020 نحو 337 مليار ليرة فيما ارتفع في موازنة 2021 حوالي 700 مليار ليرة. كما وارتفعت اعتمادات صندوق المعونة الاجتماعية من 15 مليار ليرة في 2020 إلى 50 مليار ليرة في 2021، وصندوق الدعم الزراعي من 10 مليارات ليرة إلى 50 مليار ليرة.
وبما أن دعم المشتقات النفطية والقمح وبعض السلع يعتمد كلياً على استيرادها من دول أخرى. فإن تضاعف الميزانية المخصصة من قبل الحكومة لدعمها مرتبط كلياً بانهيار قيمة الليرة السورية إلى نحو الضعف وليس له أي علاقة بكمية المستوردات (بل الواقع أثبت تراجع بعض الكميات المستوردة). على اعتبار أن جميع المستوردات مدفوعة بالدولار الأمريكي والعملات الأجنبية، وهو ما يبرر رفع سعر البنزين والخبز مؤخراً نحو 100%. فيما ارتفع بالمقابل خط الفقر وفاقدي الأمن الغذائي من نحو نصف السكان إلى الأكثرية العظمى.
مستقبل الدعم الحكومي لبعض السلع
ونظراً لحالة العجز الاقتصادي التي أصابت البلاد، وسياسة الحكومة التي زادت الوضع الاقتصادي سوءاً. فهناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل الدعم:
1- استمرار الدعم الحكومي للسلع الحالية مع احتمالية رفع سعرها
مع ضبط عمليات الاستهلاك والتوزيع أكثر لتقليل حجم الإنفاق، وربط جميع المشتريات المدعومة بالبطاقة الإلكترونية. فيما زيدت مؤخراً أسعار معظم هذه السلع المدعومة كالبنزين والمازوت والقمح وغيرها، وهو ما زاد معاناة المواطنين السوريين وخاصة مع دخول فصل الشتاء.
2- استبدال الدعم المحدود للسلع ببدل نقدي لكل أسرة
وتم الترويج مؤخراً لهذه الفكرة أكثر من مرة على لسان وزير المالية وبعض المسؤولين، بصيغة "رفع جزء من دعم الخبز والمشتقات النفطية وتوزيع الإيرادات المتحققة من ذلك عبر زيادة الرواتب". وهو ما سيجعل الموظفين والمتقاعدين غير رابحين ولا مضرورين بالفترة الأولى. فيما سيعانون لاحقاً من عدم التكافؤ بين الزيادة والتضخم، وستزداد معاناة بقية فئات المواطنين السوريين غير الموظفين.
3- دعم الإنتاج المحلي وفق شروط
ويعني ذلك دعم المشاريع الزراعية والمحاصيل الاستراتيجية مثلاً للاكتفاء بالإنتاج المحلي عن الاستيراد مثلاً. وهو ما سيساهم في محدودية الحاجة إلى رفع الأسعار بالإضافة إلى عدم الحاجة للعملة الأجنبية. غير أن ذلك متعذر إلى حد ما مع وجود كثير من الأراضي الزراعية خارج سيطرة الحكومة السورية. مع عدم ظهور بوادر لطرح تنازلات لحلحلة الأوضاع السورية.
كلام رائع الحكومة مهتمة فينا ?