
أعلن وزير المالية السوري "محمد برنية" أن بعثات دولية ستصل إلى سوريا ابتداءً من اليوم، في إطار “ورشة عمل كاملة للإصلاح المالي والاقتصادي في كافة المسارات والمجالات”. وأكد الوزير أن الهدف من هذه البعثات ليس الحصول على قروض، بل الاستفادة من الخبرات الفنية والدعم المؤسساتي دون أن تطلب سوريا تمويلًا جديدًا من هذه الهيئات.
موقف الحكومة من القروض الدولية
قال الوزير في لقائه مع قناة “الشرق” إن سوريا ليست معنية بطلب قروض من المؤسسات الدولية، بل بتأمين مساعدات فنية وتقنية تسهم في إعادة بناء النظام المالي والمصرفي وفق معايير الشفافية والاستدامة.
الطاولة المستديرة برعاية السعودية
بينما ذكر "برنية" أن “الطاولة المستديرة” التي عُقدت حول سوريا على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين كانت حدثًا غير مسبوق، ويعود الفضل في جمع هذا العدد من المسؤولين رفيعي المستوى إلى جهود المملكة العربية السعودية.
حوار مع صندوق النقد الدولي
نشر الوزير عبر “لينكد إن” أنّه التقى بـ "إدريان توبياس"، مدير إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية بصندوق النقد الدولي، وفريقه. وقد تم خلال الاجتماع مناقشة عدة محاور، من بينها:
- تعزيز إطار السياسة النقدية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي.
- دعم الاستقرار المالي وتحديث البنية التحتية للأسواق المالية.
- تطوير أسواق النقد والرأسمال وتقوية قدرات الإشراف التنظيمي.
واتفق الجانبان على إرسال بعثة تقييم أولي إلى دمشق لتشخيص احتياجات القطاع المالي وتحديد أولويات الدعم.
خطوات لتعميق التعاون المصرفي مع تركيا
من جهته، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي "عبد القادر حصرية" عبر “لينكد إن” عن لقائه محافظ البنك المركزي التركي فاتح كاراهان. ناقشا سبل تعميق الروابط الاقتصادية بين البلدين، ولا سيما إمكانية افتتاح أول فرع لبنك تركي في سوريا، في خطوة يرى أنها قد تكون “جسرًا مهمًا للتجارة والاستثمار وجهود إعادة الإعمار”.
تحديات الاقتصاد السوري وفرص التعافي
تعرض الاقتصاد السوري لأضرار كبيرة خلال سنوات النزاع والعقوبات:
- تراجع الناتج المحلي فقد انكمش اقتصاد البلاد بنحو 84% مقارنة بما كان عليه قبل عام 2010، مع أن أكثر من 90% من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
- الاحتياطيات الأجنبية ضئيلة وتُقدَّر بنحو 200 مليون دولار بالإضافة إلى 26 طناً من الذهب.
- قطاعات النفط والسياحة والزراعة أُصيبت بشلل شبه كامل.
هذه الأرقام تؤكد خطورة الوضع المالي والاقتصادي، وتبرز مدى الحاجة إلى الدعم الدولي والتنسيق مع مؤسسات التمويل العالمية لضمان عودة تدريجية ومستدامة للنشاط الاقتصادي والمالي.
أهمية البيانات الاقتصادية الموثوقة
في تصريحات لمديرة صندوق النقد الدولي خلال الاجتماعات الأخيرة، شددت على أن أي خطة لإعادة الإعمار والإصلاح يجب أن تستند إلى بيانات اقتصادية موثوقة، سواء بشأن الإيرادات العامة أو احتياطيات العملة الأجنبية أو هيكل تكلفة الخدمات، الأمر الذي يجعل بعثات التقييم المتنوعة خطوة أساسية قبل المضي في أي برنامج دعم.
عرض رؤية التعافي وإعادة الإعمار
قبل يومين، قدمت الحكومة السورية رؤيتها للتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار أمام صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، حيث ركزت على:
- إعادة تأهيل البنى التحتية الحيوية من طرق ومحطات كهرباء وشبكات مياه.
- دعم القطاع الخاص وتسهيل وصوله إلى التمويل.
- استعادة الأصول المجمدة وزيادة رواتب القطاع العام كجزء من جهود تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي
هذه الخطوات والمبادرات تشكل شبكة عمل متكاملة بين الحكومة السورية، والمؤسسات المالية الدولية، وشركاء إقليميين كالسعودية وتركيا، وتضع الأساس لإطلاق مسار إصلاحي طويل الأمد يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد وتحقيق نمو مستدام.