كشف عضو غرفة تجارة دمشق "محمد الحلاق" أن ما يحدث اليوم في الأسواق هو انخفاض واضح بحجم الاستهلاك والبيع، فإذا أجرينا حسبة بسيطة على صعيد دمشق وريفها، وهي تشكل ٢٥% من حجم الاستهلاك، حسب التعداد السكاني نجد أن الاستهلاك قليل جداً، بعيداً عن المرافق السياحية التي تعمل خلال فترة معينة (الصيف)، على خلفية وجود مغتربين ومسافرين، وهم فئة قليلة جداً لا تتجاوز ٢% ترتاد المطاعم.
وبيّن في تصريحات صحفية أن هناك في الواقع نظريات تتحكم بالأسواق، كنظرية العرض والطلب، والذي لا يستطيع أي شخص نكران وجودها، فكلما زاد الطلب تزداد الأسعار، ما لم يكن هناك وفرة وتنافسية للبضائع.
وأشار "الحلاق" إلى أن المستهلك عندما يضطر لتسديد فاتورة الكهرباء، سيأخذ من الحصة التي كانت مخصصة للمواد الغذائية أو الكسائية أو المواد المدرسية أو سواها، مشيراً إلى أن هناك فواتير لا يمكن الاستغناء عنها كفاتورة الهاتف والكهرباء والماء والمحروقات بالحد الأدنى.
ولفت إلى أنه حتى في فاتورة الدواء، تم الاستغناء بشكل أو آخر عن جزء منها، إلا أنه لا نستطيع الاستغناء بشكل كامل، كما انخفضت فاتورة الغذاء بشكل كبير جداً كما أنها لا يمكن أن تنعدم.
ونوه إلى وجود قطاعات ينخفض فيها الاستهلاك بشكل كبير وواضح المعالم، وأنها تعاني، ولا يوجد أي مادة غير متوفرة، إلا أن بدائلها أصبحت مرتفعة الثمن، وهو واقع فرض نفسه، فمنذ ثلاثة أشهر حتى الآن زادت أجور النقل الخارجية، وتسببت بانخفاض الكميات المستوردة بشكل أو آخر، وارتفاع في تكلفتها إضافة إلى التضخم الخارجي، وأصبح هناك تضخم آخر، وهو أجور الشحن التي تنعكس على قيمة السلعة، وهو ما يسبب بارتفاع الأسعار.
وهم استقرار أسعار الصرف:
أعرب "الحلاق" عن أمله بالقيام بمحاولات أو إيجاد طرق من أجل تخفيض سعر الصرف، وبنفس الوقت أن يترافق الأمر مع زيادة الدخل، بحيث يصبح هناك انخفاض حقيقي على المصاريف والأعباء التي يتكبدها المستهلك وهي تأخذ الكتلة الأكبر، ومنها المحروقات والدواء والغذاء وسواها، وبنفس الوقت أن يترافق كل ذلك بهوية اقتصادية واضحة المعالم، يمكن البناء عليها، بحيث يتم العمل على تشريعات مريحة لقطاع الأعمال، وزيادة كفاءة قطاع الأعمال من خلال زيادة الإنتاج وزيادة التوظيف، وتأمين المواد بشكل كبير، وبالتالي انخفاض الأسعار إلى الحد المكافئ للتكلفة، إضافة إلى هوامش ربحية معتدلة، وهذا الأمر يحدث عندما يكون لدينا وفرة وتنافسية.
وبدوره الباحث الاقتصادي الدكتور "فادي عياش" يقول: "لا يخفى أن استقرار سعر الصرف النسبي هو استقرار اسمي سواء السعر الرسمي أو الموازي، وليس استقراراً حقيقياً ناتجاً عن عوامل استقرار اقتصادية، بل هو نتيجة جهود كبيرة تبذلها السلطات المالية والنقدية". متسائلًا: "إذاً لماذا تستمر الأسعار بالارتفاع رغم هذا الاستقرار؟!".
ويضيف الدكتور "عياش": "قلنا إن سعر الصرف أحد العوامل المؤثرة وكونه يحافظ على استقرار نسبي ولفترة جيدة، كان من المفروض أن يؤثر إيجاباً على استقرار المستوى العام للأسعار، على اعتباره يسهم في تخفيض معدلات التحوط العالية التي كان يتخذها قطاع الأعمال وكانت تساهم في ارتفاع الأسعار، إلا أن الواقع عكس ذلك".
ويرى "عياش" يرى أن الأسعار تتأثر بالكثير من العوامل والمتغيرات الاقتصادية والنفسية منها التكاليف والأرباح ومستوى الدخل وحجم الطلب والعرض والقوة الشرائية للنقد والقوة الشرائية للدخل، بالإضافة إلى عوامل الاستقرار والقدرة على التنبؤ بالمتغيرات المستقبلية وتأثيرها على توازنات السوق من حيث العرض والطلب.
وفي هذا السياق – وبحسب الخبير الاقتصادي- يأتي سعر الصرف كأحد العوامل المؤثرة على المستوى العام للأسعار، ولكن يتراجع تأثيره في حال استقراره كما هو الوضع الراهن.
وبيَّن أن هذا يعود إلى سببين رئيسين يتعلقان بتركيب الأسعار، حيث الأسعار تتكون من التكاليف والأرباح، وتتغير الأسعار بتغير هذين العاملين.
أما بالنسبة للتكاليف، والكلام للخبير الاقتصادي- يعاني اقتصادنا من التضخم الجامح وأحد أسبابه الموضوعية هو تضخم التكاليف وهذا عامل محلي، وكذلك نتأثر بالتضخم المستورد والمستتر في السلع المستوردة، ولاسيما في المواد الأولية والوسيطة ما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف الكلية، بالإضافة إلى الارتفاع المتتالي في أسعار حوامل الطاقة وزيادة الأعباء المالية المختلفة.
وبيَّن الدكتور عياش أن السبب الأول هو تضخم التكاليف والسبب الثاني يتعلق بالأرباح، ونتيجة تقلص حجم الطلب الكبير الناجم عن التراجع الكبير في القوة الشرائية لليرة وتراجع القوة الشرائية للدخل، تتراجع المبيعات للسلع والخدمات في السوق ومع زيادة التكاليف تتراجع الأرباح أيضاً، وفي سبيل محاولة التعويض نشأت حالات احتكارية بهدف تقليص العرض السلعي المتاح ليكون أقل من الطلب الفعال، وبالتالي زيادة الأسعار لتعويض تراجع الأرباح.
مما تقدم نجد أن المستوى العام للأسعار يستمر بالارتفاع بفعل تضخم التكاليف وزيادة الأرباح الاحتكارية، على الرغم من الثبات الاسمي والنسبي لأسعار الصرف.