القطاع السياحي بسوريا يستعد لانتعاشة كبرى مع رفع العقوبات

24/05/2025

في رد رسمي على قرار الإدارة الأميركية برفع جزء من العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وصف وزير السياحة السوري "مازن الصالحاني"، الخطوة بأنها "محطة مفصلية" في مسار تعافي القطاع السياحي الذي أنهكته الحرب والحصار لأكثر من عقد.

وأعرب "الصالحاني" في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية (قنا) عن تفاؤله بإمكانية تدفق استثمارات عربية ودولية تُقدّر بمليارات الدولارات، تزامنًا مع ما وصفه بـ"تبدّل ملموس في المناخ الاستثماري".

تحوّل اقتصادي بعد سنوات العزلة

تأتي هذه التصريحات بعد أن أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان صدر مؤخراً، عن رفع مجموعة من القيود الاقتصادية بهدف تسهيل النشاط الإنساني والتنموي في سوريا. ورغم أن القرار لا يرفع جميع العقوبات، إلا أنه يسمح باستثمارات محددة في قطاعات مثل الزراعة والبنية التحتية والخدمات، من بينها القطاع السياحي.

واعتبر "الصالحاني" أن "العقوبات المفروضة سابقًا كانت تقف كجدار صدّ أمام أي استثمار جاد"، مضيفًا أن "الرفع الجزئي للعقوبات يمنح المستثمرين الأجانب، وخصوصًا من الدول الصديقة، دافعًا حقيقيًا للعودة إلى السوق السورية"، التي وصفها بأنها "تشهد عطشًا كبيرًا للخدمات السياحية، وخاصة في مجالي الفندقة والسياحة العلاجية".

استراتيجية متكاملة لإعادة الإقلاع

وفي إطار التحضير للمرحلة المقبلة، كشف الوزير عن خطة استراتيجية شاملة وضعتها الحكومة لإعادة تأهيل القطاع السياحي، تتضمن برامج قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل. وتشمل هذه الاستراتيجية تحديث البنية التحتية الفندقية، وتنمية قطاعات السياحة العلاجية والثقافية والدينية، بما يعكس التنوّع الجغرافي والحضاري الذي تتمتع به البلاد.

وقال الصالحاني: "بدأنا إعداد ملفات استثمارية لمواقع وأراضٍ سياحية سترى النور في مؤتمر استثماري قريب"، لافتًا إلى أن هذا المؤتمر سيعتمد على قانون استثمار جديد قيد الإقرار، يُنتظر أن يقدم حوافز وتسهيلات تتماشى مع المعايير الدولية.

بنية تحتية مدمّرة... وفرص واعدة

لا يخفي "الصالحاني" حجم التحديات. فقد أكد أن البنية التحتية السياحية تعرضت "لدمار شبه كامل" خلال سنوات الحرب، لكن الحكومة، بحسب قوله، "تعمل على إعادة بنائها من الصفر، بما يجعلها قادرة على استقبال المشاريع الجديدة وتلبية تطلعات الزوار والمستثمرين معاً".

ويشير تحليل حديث لمجموعة أكسفورد للأعمال (OBG) إلى أن سوريا تحتاج استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار لإعادة بناء بنيتها التحتية العامة، ويشمل ذلك قطاع النقل، الكهرباء، والمياه، وهي مكونات أساسية لأي نهضة سياحية.

شراكات خليجية... وقطر في الواجهة

وفي سياق الحديث عن التعاون الإقليمي، كشف الوزير عن توقيع مذكرة تفاهم مع ائتلاف من الشركات الخليجية لتطوير عدد من المواقع السياحية في البلاد، مؤكدًا أن هذه المبادرة تأتي ضمن مسار جديد لتعزيز الشراكة الاقتصادية مع الدول الصديقة، وعلى رأسها دولة قطر.

ويرى مراقبون أن التحوّل في العلاقات السورية الخليجية خلال العامين الأخيرين، خصوصًا بعد استعادة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية، مهّد الطريق لهذا النوع من التعاون الاستثماري، الذي ظل مجمدًا لعقد كامل.

ملتقيات قادمة وتوقعات متفائلة

أشار "الصالحاني" إلى أن وزارة السياحة تعكف على الإعداد لملتقى استثماري سياحي وآخر اقتصادي عام، سيتم الإعلان عن موعديهما بعد إقرار قانون الاستثمار الجديد. ولفت إلى أن هذا القانون "سيكون نقطة جذب كبيرة للمستثمرين، كونه يواكب المتطلبات العالمية ويوفر بيئة قانونية أكثر شفافية ومرونة".

وفيما يتعلق بالعوائد المتوقعة، قدّر الوزير أن السياحة يمكن أن تساهم بما بين 40 إلى 50% من الناتج المحلي الإجمالي في حال استقرت الأوضاع الأمنية وتوفرت الإرادة الإدارية الكاملة لدعم جهود إعادة الإعمار السياحي.

خاتمة: تحديات ما بعد العقوبات

رغم المؤشرات الإيجابية، يظل الطريق أمام تعافي القطاع السياحي في سوريا محفوفًا بالتحديات، في مقدمتها استمرار العقوبات الأوروبية، والتردد الدولي بشأن الاستثمارات في ظل غياب تسوية سياسية شاملة. إلا أن التطورات الأخيرة تعكس بداية تحوّل محتمل في المشهد الاقتصادي العام، قد يجعل من السياحة أحد مفاتيح الانفراج والنمو في سوريا المستقبل.

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: