أقر أمين سرّ جمعية حماية المستهلك "عبد الرزاق حبزة" بكثرة النفقات التي تُرافق موسم المؤونة بسبب تزامنه مع افتتاح المدارس التي تُثقل كاهل العائلات السورية مؤخرًا، حيث ارتفعت الأسعار في آخر خمسة عشر يوماً نحو 80 إلى 100 بالمائة.
على سبيل المثال فإن البندورة أصبحت حلماً لمن يرغب بصناعة ربّ البندورة بعد أن وصل سعر الكيلو إلى 12 ألفاً وهي غير صالحة للعصر، وكذلك المكدوس الذي يتطلّب زيتاً وغازاً وجوزاً وثوماً وفليفلة، وجميعها ذات أسعار باهظة.
وقد أرجع "حبزة" ذلك إلى ارتفاع حوامل الطاقة ونقل المواد وارتفاع أسعارها وارتفاع تكاليف زراعتها، وحرمان الفلاحين من مُخصّصاتهم من مادة المازوت وشحّ المياه أحياناً، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات وارتفاع أجرة العمالة، حيث أصبحت أجرة العامل تقارب 120 ألف ليرة يومياً.
ثم حمّل التّجار بمختلف مسمّياتهم نسبة 50 بالمائة من ارتفاع الأسعار من خلال احتكار المواد، وعدم انسيابها في الأسواق، والباقي تتحمّله الحكومة من خلال عدم دعمها للفلاح، وغياب التدخّل الإيجابي الحقيقي خلال موسم المؤونة من خلال تخفيض أسعار المواد أو بيعها بالتقسيط، وكذلك توريدها عن طريق الفلاح بدون وسيط، وانخفاض دخل المواطن مع التضخّم الكبير بالأسعار، بحسب رأيه.
الغلاء يغير عادات السوريين:
فيما مضى كانت الأمهات تصنع المكدوس بكميات كبيرة وتوزّع لأولادها وعائلاتهم، أمّا اليوم فإنّ تكلفة عشرة كيلو من المكدوس تقارب 600 ألف ليرة، فهي تحتاج 3 كيلو زيت على الأقل بسعر 350 ألف ليرة، وكيلو جوز بـ120 ألفاً، ونحو 50 ألف ليرة فليفلة، والثوم الذي بلغ سعر الكيلو منه 60 ألفاً، في الوقت الذي بدأ يرتفع سعر الباذنجان بعد أن كان بـ2000، يُضاف إليها تكلفة الغاز.
ورغم ذلك تحاول الأمهات التحايل على الواقع بغية صنعه من خلال استعمال الزيت النباتي بدلاً من زيت الزيتون لتخفيف التكلفة، غير أنّ هذا الأمر مُستحدث بالنسبة للسوريين بسبب الغلاء الفاحش، إذ إنّه من غير المستساغ أكل الزيت النباتي نيئاً، وهو لا يتناسب مع ذوق السوريين باعتبار أنّ المكدوس تتمّ صناعته لتغذية الإنسان وليس للضرر بصحته، إضافة لاستبدال الجوز باللوز أو الفستق للتخفيف أيضاً من التكلفة رغم عدم رخص سعر الأخيرين، ولكن في المحصلة هذا التحايل يفقد المكدوس فائدته واسمه أيضاً.
والشيء ذاته يندرج على الملوخية التي كان سعر الكيلو تسعة آلاف فأصبح اليوم 18 ألفاً، والبامية التي كان سعر الكيلو منها 13 ألفاً باتت اليوم بـ24 ألفاً، والبندورة التي كان سعرها 5 آلاف أصبحت اليوم بـ12 ألفاً.
وحمّل أمين سر جمعية حماية المستهلك جزءاً كبيراً من الواقع المؤلم الذي يعيشه المواطن إلى الحكومة لعدم رفعها دخل المواطن الذي لا تتجاوز يوميته عشرة آلاف، وهي لا تكفي لشراء قطعة بسكويت، وعدم التدخل الإيجابي رغم كثرة مؤسّساته التي يتمّ رفدها بمئات المليارات حتى يتمّ دعم المواطن، فهي تستجرّ من التجّار مباشرة وتبيع إلى المستهلك بنسبة ربح مخفّضة، والأسعار في الأسواق حسب مزاج التاجر خاضعة للاحتكار ولعدم انسيابية المادة والتخزين، وهذا ينسحب على كافة المواد.