شهدت عملات الأسواق الناشئة مؤخرًا حالة من التقهقر، إذ برز الدولار الأميركي وطغى على العملات الوطنية في عدد من البلدان. حيث انخفض الدولار التايواني والروبية الهندية إلى أدنى مستوياتهما في سنوات عدة هذا الأسبوع، ومع أن البنوك المركزية يمكنها أن تُبطئ ضعف أسعار العملات، إلا أنها نادراً ما تمنعه.
وانخفضت عملة تايوان إلى أدنى مستوى لها منذ ما يقرب من ثماني سنوات هذا الأسبوع، وانخفضت الروبية الهندية إلى مستوى قياسي، واقترب الرينغيت الماليزي من أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية الآسيوية في عام 1998. ولم ترتفع أمام الدولار هذا العام سوى واحدة من عملات 23 دولة نامية يتتبعها مؤشر شبكة بلومبيرغ الأميركية.
سبب ارتفاع الدولار الأميركي مؤخرًا:
في حين أن معظم الاقتصاد العالمي يشهد نمواً معتدلاً فقط، فإن البيانات الأميركية من التوظيف إلى مبيعات التجزئة إلى التضخم تجاوزت غالباً توقعات المحللين. وقد دفع هذا الواقع المتداولين إلى تقليص رهاناتهم على تخفيضات أسعار الفائدة بقرار من مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، مما ساعد على تعزيز مكاسب الدولار.
وارتفع مؤشر بلومبيرغ لسعر صرف الدولار الفوري، الذي يتتبع العملة الأميركية مقابل 12 من نظيراتها الرئيسية، بأكثر من 4% هذا العام.
شكل الصعود القوي للدولار واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية لفترة أطول أبرز محرّكين على هذا الصعيد. ويبلغ الحد الأعلى للفائدة الأساسية التي يعتمدها مجلس الاحتياط الفيدرالي حالياً 5.5%، وهذا يعني أن المستثمرين قادرون على الحصول على عوائد جذابة من الاحتفاظ بالدولار من دون الاضطرار إلى تحمّل مخاطر سعر الصرف المتمثلة في إرسال الأموال إلى الأسواق الناشئة.
وفي حين أن عدداً من الدول النامية تقدم ميزة الإنتاجية مقارنة بالولايات المتحدة، إلا أن هذه الميزة تتقلص في كثير من الحالات. وفي بداية العام الماضي، كان سعر الفائدة في البرازيل 13.75%، مقابل 11.25% في تشيلي، و13% في المجر. ومنذ ذلك الحين، خفضت البنوك المركزية في الاقتصادات الثلاثة مجتمعة أسعار الفائدة الرئيسية بأكثر من 12 نقطة مئوية.
عملات الدول الآسيوية في عين العاصفة:
عانت العملات الآسيوية من أكبر الانخفاضات هذا العام، بما يرجع غالباً إلى أن أسعار الفائدة لدى المصارف المركزية في المنطقة أقل من فوائد معظم بقية الأسواق الناشئة. مثلاً، تقل الفائدة الرئيسية في ماليزيا بمقدار 2.5 نقطة مئوية عن تلك المعتمدة لدى البنك المركزي الأميركي. كما أن أسعار الفائدة في تايلاند وكوريا الجنوبية وتايوان والصين تقل عن نظيرتها في الولايات المتحدة.
وبينما كان صناع السياسات في الولايات المتحدة يرفعون تكاليف الاقتراض على مدى العامين الماضيين، كان البنك المركزي الصيني يخفف سياسته لدعم اقتصاد بكين المتعثر. وقد أدى ذلك إلى تعرّض اليوان لضغوط مستمرة، وتسرّب هذا الواقع إلى العملات الآسيوية الأخرى أيضاً، خاصة عملتي كوريا الجنوبية وتايوان اللتين تتمتعان بروابط اقتصادية وثيقة مع الصين.