أرهقت "الإتاوات" التي تطلبها الجمارك دائمًا وبدون أي رقيب أو حسيب التجار السوريين، واستنزفت قدرتهم على إدخال بضائعهم إلى الأسواق، رغم أنها نظامية وموثقة بفواتير قانونية، ما دفعهم للتوجه نحو التهريب للتخلص من هذه المشكلة.
الجمارك ستأخذ حصتها سواءً كانت البضاعة تهريب أو لا:
في التفاصيل، نقل "تلفزيون سوريا" عن تاجر بدمشق قوله "إنَّ الجمارك سواء كانت البضاعة بفواتير نظامية أو غير نظامية ستأخذ حصتها"، لذلك فضَّل بعض التجار إدخال بضائعهم تهريباً والدفع لعناصر الجمارك بدلاً من الدفع مرتين، الأولى، تكاليف إجازات الاستيراد ورسومها ومن ثم الدفع للجمارك مرة ثانية.
وأوضح التاجر الذي طلب عدم ذكر اسمه أنَّ هناك تجاراً تستورد بضائعها إلى بيروت ومن ثم تقوم بإدخالها إلى سوريا تهريباً (بلا فواتير نظامية) وذلك بالاتفاق مع دوريات جمركية تأخذ حصتها بعد وصول البضاعة إلى مستودعات التجار.
وأشار في حديثه، إلى أنَّ هناك مواد غذائية واستهلاكية تدخل بهذه الطريقة، مضيفاً أنه توجد مواد طبية تستورد إلى لبنان وتدخل إلى سوريا عبر طرق التهريب المعروفة والمحمية من قبل دوريات الجمارك.
ويعزو التاجر سبب إدخال البضائع تهريباً للتخلص من سطوة موضوع إجازات الاستيراد وتحكم تجار محددين بها وكذلك صعوبة تخليص البضائع جمركياً عندما تكون نظامية ويرفض التاجر دفع إتاوات، ما يدفع بالجمارك لحجز البضاعة لفترة طويلة، وهذا ما يعرض التاجر للخسارة نتيجة التبدل في سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي.
وأضاف التاجر: "تشكل طريق جبل الشيخ القريبة من الحدود اللبنانية ممراً رئيسيًا لإدخال البضائع المهربة وصولاً إلى مستودعات التجار"، مشيراً إلى أنَّ البالة الأجنبية الموجودة في السوق السورية تدخل تهريباً عبر هذا الطريق وبمعرفة دوريات الجمارك التي تتقاضى حصتها عن كل شحنة.
وتعليقاً على توقيف عاملين في "جمارك نصيب" من مهام ومستويات إدارية مختلفة بتهم فساد في المعبر بـ 200 مليار ليرة سورية مع تحقيقات جارية مع تجار ممن أدخلوا بضائعهم عبر منفذ نصيب الحدودي خلال الفترة الماضية، قال التاجر إنَّ الحكومة تهول الموضوع لإرهاب التجار وإجبارهم على دفع نصف قيمة مستورداتهم بالدولار لدى البنك المركزي، وهو ما يعرف بقطع التصدير".
وكانت الحكومة قد منحت خلال النصف الأول من العام الجاري، 435 إجازة استيراد للمواد الغذائية الأساسية و309 إجازات للقطاع الزراعي شملت بذاراً زراعية وأسمدة وأعلافاً ومبيدات، و173 إجازة استيراد للأدوية والمستلزمات الطبية من مفارش وأدوات جراحية، و10 إجازات استيراد للنفط الخام، وفقاً لصحيفة "الوطن".
وذكرت الصحيفة، أنَّ القطاع الصناعي ومستلزماته كالحبيبات البلاستيكية والسكر الخام وخطوط الإنتاج والآلات والمواد الأولية الكيميائية والهندسية والغذائية منح 5592 إجازة استيراد.
تعليقاً على ذلك، قال الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين الدكتور سمير شرف إنَّ "الانخفاض الحاد في منح إجازات الاستيراد للسلع الغذائية الأساسية يشير إلى احتكار القلة من خلال الوكالات الحصرية الضارة بالاقتصاد الوطني، وبدخول المواطنين المستنفدة بعامل التضخم وانعدام المنافسة".
وأضاف في تصريح صحفي أنَّ هناك فجوة بين عدد الإجازات الممنوحة وحاجات السوق من السلع والخدمات، إضافة إلى وجود خلل في التوزيع الأفقي لإجازات الاستيراد، إذ استحوذت مستلزمات الإنتاج للقطاع الصناعي على 5592 إجازة يقابلها 10 إجازات فقط لاستيراد النفط الخام.
وهذا ما يعكس ضبابية الرؤية التي تتطلب تخفيض تكاليف الإنتاج الصناعي من خلال زيادة إجازات استيراد النفط الخام الذي يعد الحامل الرئيس للعملية الإنتاجية والقضاء على السوق السوداء في تلبية العملية الإنتاجية ما يؤدي إلى تخفيض الأسعار.