الحكومة تخسر ولاء موظفيها لصالح القطاع الخاص الذي يقدم أحيانًا 25 ضعف الراتب 

17/10/2023

يتفق جميع موظفي القطاع العام في سوريا على أن الوظيفة الحكومية باتت عبئًا على أصحابها و "أمرًا لا يستحق همه"، فبعض الوظائف قد لا يكفي راتبها الموظف أجور مواصلات ومصاريف شخصية خلال فترة العمل؛ وهكذا فقد خسرت الحكومة ولاء موظفيها ورغبتهم بالعمل والإنتاج. 

وبينما يتوجه الكثير من الموظفين إلى القطاع الخاص الذي يدر أضعاف الراتب الحكومي، تستمر الحكومة بمنع العاملين في مؤسساتها من تقديم طلب استقالة حتى للحالات الاستثنائية، فضلاً عن تشديد العقوبات بحق المخالفين للقرار. 

والتعميم الذي أصدره وزير الصناعة السابق "زياد صباغ"، في شهر آب 2022، وبقي سارياً في عهد الوزير الحالي "عبد القادر جوخدار"، يطلب من مديري المؤسسات التابعة للوزارة "عدم رفع طلبات الاستقالة"، وهو ما يخالف نصاً في قانون العاملين الأساسي، ويعد تجاوزاً على مبدأ سيادة القانون، حسبما يرى خبراءٌ ومحامون. 

ويعاقب القانون السوري بالسجن من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن الراتب الشهري مع التعويضات لمدة سنة كاملة، كل من يترك عمله أو ينقطع من العاملين في الوزارات أو الإدارات أو المؤسسات أو الهيئات العامة أو البلديات أو المؤسسات البلدية، أو أي جهة من جهات القطاع العام أو المشترك قبل صدور الصك القاضي بقبول استقالته. 

لكن كل ذلك لم يمنع الموظف السوري من أن يجد منفذًا ومصدرًا إضافيًا للدخل، فبات ولاؤه للوظيفة الحكومية معدومًا، ودوامه فيها كإثبات الحضور فقط، مما تسبب بضررٍ كبير في بنية الدولة والمصالح العامة. 

الأساتذة الجامعيون مثال خطير على حالة التسرب إلى القطاع الخاص: 

كشفت مصادر محلية مسؤولة أن 99 ٪ من الأساتذة في الكليات الطبية ضمن الجامعات الحكومية يدرّسون في الجامعات الخاصة ضمن سياق الإعارة الكلية أو الجزئية ومنهم من يستلم مناصب إدارية، فالظروف التي يعيشها الأستاذ الجامعي تدفعه للاعتماد على الجامعة الخاصة كأولوية ولاسيما في ظل الرواتب الكبيرة التي يتقاضونها للتخصصات النوعية المطلوبة، علماً أن هناك أساتذة معارين لمدة 5 سنوات وغيرهم ليوم واحد ضمن الأسبوع. 

وبيّن المصدر أن أساتذة الكليات الطبية (الطب البشري- طب الأسنان- الصيدلة) يحتلون المرتبة الأولى للأجور المرتفعة بواقع 14 مليوناً لمن يشغلون مناصب إدارية و12 مليوناً لبقية الأساتذة، أي بزيادة 25 ضعفاً عن الراتب الذي يتقاضاه عضو الهيئة التدريسية في الجامعة الحكومية. 

ويأتي ثانياً وبفارق كبير أساتذة الهندسة المعلوماتية وهندسة العمارة ليتراوح راتبهم بين 5 إلى 6 ملايين ليرة شهرياً، وكذلك الأمر بالنسبة لاختصاص الكيمياء والعلوم والفيزياء، يلحقه في المرتبة الثالثة بقية الأساتذة في مختلف التخصصات بحيث يتراوح الراتب ببين الـ 1.5 والـ 3 ملايين ليرة. 

وأوضح المصدر أن الرواتب الكبيرة تشكل عامل إغراء للعديد من الأساتذة ولاسيما في ظل النزيف الحاصل في الكليات الطبية وقلة عدد الحاصلين على الدكتوراه، فهناك كليات لم تمنح شهادة دكتوراه في بعض الأقسام منذ سنوات! 

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: