شهدت أسعار السيارات في سوريا ارتفاعًا ملحوظًا لتصل إلى مستويات قياسية بالآونة الأخيرة، ما جعلها بعيدة المنال بالنسبة لذوي الدخل المحدود. والغريب أن سيارات ذات موديلات قديمة للغاية من الثمانينات ما زالت تباع بعشرات ملايين الليرات.
سيارات لا تنفع إلا للخردة والصَّهر تباع بعشرات ملايين الليرات:
وفق تقرير نشرته صحيفة "تشرين" المحسوبة على الحكومة، بلغ متوسط سعر أرخص سيارة (موديل 1983) نحو 30 مليون ليرة سورية، ليرتفع هذا السعر تدريجياً مع الموديلات الأحدث وصولاً إلى ملياري ليرة للسيارات المنتجة خلال العامين الأخيرين.
وأشار التقرير إلى أن السيارات القديمة (موديل الـ83 وما قبل) "كان من المفترض أن يتم صهرها ومخالفة أصحابها". وبالمقابل، فإن السيارات الحديثة (موديل السنة الماضية) تجوب شوارع العاصمة دمشق ومدنٍ أخرى، و"الجميع لا يعلم كيف تدخل إلى البلد رغم إيقاف الاستيراد!".
سوق بيع السيارات في سوريا على شفير الموت:
نقلت الصحيفة عن "يوسف الجزائري" مدير "جمعية صيانة السيارات" أن سوق بيع السيارات "انتهى"، وشبه متوقف منذ عامين تقريباً، إذ لا يوجد بيع ولا شراء ونسبة البيع -إن وجدت- فهي لا تتجاوز الـ 5 ٪ بسبب عدم وجود قوة شرائية.
وقال "الجزائري" إن المواطن الذي يفكر بشراء سيارة "هو من يحصل على ورثة، أو لديه مبلغ من المال ويريد أن يجمده"، مشيراً إلى أن أغلب السيارات التي يتم شراؤها اليوم "قديمة للغاية لكن من يشتريها يقول إنها ترفع أقدامه وأسرته عن الأرض"، بحسب تعبيره.
وأشار إلى عدم وجود جهة رقابية تحدد سعر السيارة وتضبط ارتفاع سعرها الكبير، فسعر السيارة يحدده ارتفاع سعر الصرف ولكن أسعارها متفاوتة حتى عن سعر الصرف "فهي تعد تجارة أولاً وأخيراً".
وأردف: "أسعار السيارات (شي جنان)، فالسيارة التي عمرها 40 عاماً يتجاوز سعرها الـ30 مليوناً.. كيف سيتمكن الموظف من شراء سيارة في ظل هذا الغلاء الفاحش؟ ربما يستطيع أولاد أولاده ذلك".
وأكّد مدير "صيانة السيارات" وجود سيارات حديثة تجوب الشوارع رغم منع الاستيراد، وقال متسائلاً عن آلية دخولها إلى البلاد: "بالتأكيد هي لا تدخل عبر طرق التهريب كما يروج بعض المواطنين، فالسيارة ليست سلعة خفيفة حتى يتم تهريبها"، على حد زعمه.
ليس تاجر سيارات بل مجرد سمسار:
في سياقٍ متصل، يؤكد "أبو أحمد"، وهو أحد تجار السيارات، تراجع وانحسار سوق السيارات، معتبرًا أن "تاجر السيارات بات سمساراً لا أكثر ولا أقل (كمسيون)".
ورفض "أبو أحمد" أن تكون هناك جهة رسمية تشرف على تسعير السيارات "فمن غير المنطقي وجود جهة تتدخل في أرزاق الناس. هذه تجارة وليست سلعة أساسية، والذي يتم تسعيره هو السلع الأساسية فقط أما السيارة فهي للرفاهية"، وفق تعبيره.
وأكّد في ختام حديثه "وجود سوق حرة لبيع السيارات في لبنان يتم شراؤها هناك ومن ثم جمركتها وإدخالها إلى البلد"، ما يفسر انتشار السيارات الحديثة في شوارع المدن بالرغم من قرار منع الاستيراد.