يعتبر التهريب ثاني العوامل التي أدّت إلى استنزاف الثروة الحيوانية في سوريا بعد الحرب، وخاصة في المناطق الحدودية، حيث الحدود الممتدة لمئات الكيلومترات، ومن الصعب ضبطها في هذه الظروف.
ففي المنطقة الشرقية، على سبيل المثال، تهرّب رؤوس القطعان عبر سماسرة وأشخاص معروفين، لتذهب إلى دول الجوار مثل العراق وتركيا والدفع بـالدولار، فأي مبلغ مغرٍ جداً للمربي. ووفق مدير الإنتاج الحيواني تناقصت الأعداد إلى أقل من 17 مليون رأس، وفق إحصاءات مكتبية وتقارير منظمات دولية.
ولاسيما في محافظة الحسكة، تنشط حركة التهريب بشكل كبير بسبب الظروف الأمنية السائدة، حيث تمتدّ الحدود المفتوحة مئات الكيلومترات مع دول الجوار.
وهنا يؤكد "عبد الحميد كركو" رئيس اتحاد الفلاحين في المحافظة، أن الأغنام تهرّب يومياً إلى دول الجوار، عن طريق شبكات وسماسرة يدفعون بالدولار.
ويبين أن التهريب هو من الأسباب التي أدت إلى تراجع الثروة الغنمية بشكل كبير، لتأتي الأسباب الثانية من غلاء الأعلاف، حيث وصل سعر طن الشعير إلى ثلاثة وحتى أربعة ملايين ليرة، وكذلك طن التبن ستة ملايين.
الثروة الحيوانية في سوريا... تراجع مخيف:
يتحدّث مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة الدكتور "أسامة حمود" أن آخر إحصائية لوزارة الزراعة كانت في عام 2010، وتالياً كل الإحصائيات التي تتم حالياً هي مكتبية تعتمد على معدلات نمو قطعان الثروة الحيوانية سنوياً، وبناء على الجولات الإحصائية لكل عام. ووفق الإحصائيات الرسمية بلغت أعداد الأغنام أقل من 17 مليون رأس، والأبقار 870 ألف رأس.
ويبيّن "حمود" أنه لا توجد نسب دقيقة لانخفاض أعداد رؤوس الماشية، باستثناء بعض الدراسات التي أجريت بين عامي 2010 -2016 من بعض المنظمات الدولية العاملة في سورية، والتي أشارت في بعضها إلى انخفاض أعداد هذه الثروة بين 30 و50% حسب الأنواع الحيوانية.
أما الباحث والخبير في الشؤون الزراعية "أكرم عفيف"، فيدق ناقوس الخطر لخطورة تبعات هذا الوضع، الذي أدى إلى عجز أغلبية الناس عن تأمين الحد الأدنى من احتياجات ماشيتهم، بدليل انخفاض الطلب على منتجات هذا القطاع ككل.
وهذا ما حذّر منه كثيرون، لأن سوريا أولاً وأخيراً بلد زراعي وفيه الكثير من الخيرات يتحوّل إلى بلد من دون موارد، وذلك بالتأكيد ستكون نتائجه كارثيّة لمصلحة حفنة من المستوردين.
ويشير "عفيف" إلى أن هناك أسباباً عدة أدّت إلى تراجع هذه الثروة، منها التهريب والتصدير والذبح العشوائي، وكلّها ترتبط بعامل رئيس هو غلاء تكاليف ومستلزمات الإنتاج، الأمر الذي يجبر المربي على بيع أو تهريب جزء من قطيعه لتأمين الأعلاف للقطعان المتبقية، مؤكداً ضرورة توفير مستلزمات ديمومة هذا القطاع، والأهم إعادة النظر بالسياسة الاقتصادية المتبعة.
الجمارك في موقف المتفرج:
تذكر صحيفة "تشرين" الحكومية أنها تواصلت مع مديرية الجمارك العامة عبر المكتب الصحفي، وأرسلت أسئلة بسيطة تتمحور حول:
- الضوابط التي اتخذتها الجمارك لمنع تهريب الأغنام؟
- عدد حالات تهريب الأغنام التي تم ضبطها خلال الفترة الأخيرة؟
- كيف يتم التنسيق مع “الزراعة” واتحاد الفلاحين للحدّ من هذه الظاهرة؟
وتعلق الصحيفة: "رغم اتصالاتنا المتكررة منذ أسابيع وإلى هذا التاريخ لم تجب".
وتسأل الصحيفة ختامًا: "لماذا لا يحوّل التهريب إلى تصدير وتستفيد الدولة من القطع الأجنبي الذي يعود لخزينتها وفي هذه الحالة نحدّ من التهريب؟، وبموازاة ذلك التركيز على هذا القطاع الذي يعدّ الداعم الأساس لصمودنا وأمننا الغذائي."
اذا صار تصدير نظامي المصدرون معروفون و هم المستفيدين
و التهريب سيستمر امام عجز اقطاعات المسؤولة عن وقفه و خاصة في المناطق الشرقية و الشمالية الشرقية و سيكون الاستنزاف للثورة الحيوانية مضاعف