كثّف الأمن السوري من حملاته ومراقبته على السوق السوداء مع اقتراب موسم العيد واتجاه العديد من المغتربين إلى إرسال المساعدات المالية إلى أهاليهم، حيث يتم تفضيل السوق السوداء أحيانا بسبب الفرق عن السعر الرسمي.
خسائر يتكبدها العاملون وزبائنهم:
تواصل قوات الأمن ملاحقة العاملين بالحوالات في السوق السوداء، حيث اعتقل مؤخراً أربعة أشخاص أثناء تسليمهم حوالات خارجية لأشخاص في مدينة حلب، ما سبب خسائر مالية للعاملين وللزبائن الذين لا يريدون التحويل عن طريق المكاتب الرسمية المرخصة.
وأكدت مصادر عاملة في مكاتب الحوالات في مدينة إسطنبول لصحيفة "العربي الجديد" أنهم فقدوا خلال الشهر الماضي أربعة أشخاص من عمالهم جراء اعتقالهم من قبل الأمن في مدينة حلب.
وتقول المصادر، التي تفضل عدم ذكر اسمها، إن عمليات الاعتقال حصلت في أماكن متفرقة نتيجة مراقبة وملاحقة مستمرة.
وأوضحت المصادر أن أحد العاملين جرى اعتقاله عندما كان يقوم بتسليم الحوالة لشخص في الشارع، مؤكدة أن الشخص المعتقل اختفى منذ ذلك الوقت وغير معروف مصيره حتى اليوم، بينما اعتقل الآخرون من منازلهم بعد وشاية من آخرين جرى اعتقالهم سابقا.
وذكرت المصادر أن سوق الحوالات ينشط عادة في منتصف رمضان وحتى عطلة عيد الفطر، لكن في هذا العام نتيجة الملاحقة المستمرة التي زادت الخوف لدى العاملين أدت إلى توقف الكثير من العاملين، وذلك تزامن مع لجوء الحكومة إلى رفع أسعار صرف الحوالات في المكاتب المرخصة.
لماذا يخاطر الناس باللجوء إلى السوق السوداء؟
يلجأ الكثير من السوريين عادة إلى مكاتب الحوالات غير المرخصة لأن التسليم في كثير منها يكون بالدولار الأميركي، بينما تحصر الحكومة عملية التسليم بالليرة السورية، إضافة إلى أن سعر الحوالات في المكاتب غير المرخصة أفضل.
وعند تسليم الحوالة من قبل العامل للشخص المستفيد يجري التسليم في مكان يتفق عليه الطرفان وليس في مكتب كما كانت العادة، وذلك لأن الأمن أغلق المكاتب غير المرخصة واعتقل أصحابها سابقا بعد مصادرة المال الموجود فيها.
وأكدت المصادر أن عملية التسليم اليوم تتم في أماكن داخل الشوارع الفرعية هربا من الملاحقة والاعتقال.
صعوبات متزايدة في تسليم الحوالات:
وذكرت المصادر للصحيفة أن هناك صعوبة بالغة في تسليم الأموال بالليرة السورية وخاصة عندما يكون المبلغ كبيرا، فإذا أراد الزبون تسليم ألف دولار أميركي بالليرة السورية فهذا يعني أن المستفيد سيحصل على 7 ملايين ليرة على الأقل، وحمل هذا المبلغ في الشارع يضع العامل تحت خطر المراقبة والاعتقال.
وأضافت أن الخطورة الأكبر ليست في حمل المبلغ بالليرة، فيمكن التذرع أحيانا بأنك ذاهب لشراء سلعة ما، ولكن في حال حمل مبلغ بالدولار وتوقيف العامل من قبل دورية جوالة أو حاجز جوال وتفتيشه وإيجاد المبلغ، ذلك يعني اختفاء العامل وعدم معرفة مصيره، إلا إذا كان صاحب مال كثير يمكن إخراجه لاحقا بالرشوة المرتفعة.
وسابقاً، كانت تنتشر عشرات المكاتب للصرافة والحوالات في المدينة، لكن معظمها أغلق بسبب الحملات الأمنية المتكررة منذ عام 2020، عقب إصدار قوانين تشدد العقوبات على المتعاملين بالعملات الأجنبية.
ورغم كل ذلك التشديد إلى أنه من الصعب القول إن السوق السوداء في سوريا اختفت أو تمت السيطرة عليها بالكامل.