لفت تقرير حديث لمجلة "إيكونوميست" البريطانية، إلى الحركة المرورية السيئة بالعاصمة العراقية بغداد، ووصفتها الصحيفة بأنها واحدة من أسوأ عواصم الشرق الأوسط على صعيد حركة السير.
وقالت الصحيفة إن الحرب الأهلية والهجمات المسلحة شبه اليومية خلال السنوات الماضية أبقت العراقيين في منازلهم، لكن كل هذا تغير اليوم؛ فالازدحامات المرورية تخنق العاصمة، حيث يقضي الركاب ساعات طويلة من أجل الوصول لوجهتهم، فيما يفضل الكثير من رجال الأعمال إجراء الاجتماعات عن بعد بدلا من المخاطرة في الخروج.
وتضيف الصحيفة أن العراق كان يوما من الأيام يتمتع بأحدث أنظمة النقل في منطقة الشرق الأوسط، ففي خمسينيات القرن الماضي، كانت البلاد الأولى في الشرق الأوسط التي تستخدم الحافلات ذات الطابقين.
وفي وقت ما لم يستغرق الأمر سوى دقائق للتنقل من ضاحية المنصور على الجانب الغربي من نهر دجلة إلى الكرادة في الشرق؛ وكانت القطارات السريعة تنطلق من البصرة على ساحل الخليج مرورا ببغداد ووصولا إلى إسطنبول.
خيرات النفط الوفيرة لا تشفع لبغداد... شبكة نقل عفا عليها الزمن:
على الرغم من عائدات النفط السنوية الحالية التي تزيد عن 100 مليار دولار، إلا أن شبكة الطرق في بغداد لم تتغير منذ الثمانينيات، وفقا للصحيفة، التي أشارت إلى أن الحروب والعقوبات الاقتصادية والفساد والإهمال أدت جميعها إلى تدمير نظام النقل في البلاد.
في غضون ذلك، ارتفع عدد سكان بغداد ثلاثة أضعاف منذ عام 1980 إلى أكثر من تسعة ملايين.
ويقول المخططون إن 2.7 مليون سيارة تسير يوميا في شوارع المدينة، التي تم انشاؤها لاستيعاب 200 ألف سيارة فقط، ناهيك عن اضطرار سائقي الشاحنات لقطع العاصمة شمال وجنوبا لعدم وجود طرق دائرية.
ساهم كل ذلك في زيادة نسبة الدخان المتصاعد من عودام السيارات والذي أدى بدوره إلى ارتفاع درجات الحرارة في الصيف لمستويات قياسية بلغت 51.8 درجة مئوية.
وتشير الصحيفة إلى أن أحد أسباب المشكلة يتمثل في أن ملايين السيارات المعفاة من الضرائب دخلت عبر معابر غير خاضعة للرقابة خلال السنوات الماضية.
ما الحل إذن؟
ترى الصحيفة أن هناك حلولا كثيرة من بينها تلك التي كشف عنها النظام السابق في عام 1983 والمتمثلة بوضع خطط لبناء مترو للأنفاق.
وتتابع أن العراق وقع قبل نحو 10 سنوات عقدا بمليارات الدولارات مع شركة "ألستوم" الفرنسية لتصميم خط سكة حديد يمتد فوق المدينة، لكن الموافقة على هذه المخططات لا تزال عالقة في أروقة البرلمان العراقي، وفقا للصحيفة.
وتشير إلى أن رئيس الوزراء العراقي الحالي "محمد شياع السوداني" يدرك على الأقل حجم المشكلة، فمنذ توليه منصبه قبل عدة أشهر، أزال بعض نقاط التفتيش وأعاد فتح المنطقة الخضراء جزئيا.
وعلى الرغم من أن إشارات المرور عادت للعمل مرة أخرى، لكن مع ذلك لا يزال رجال المرور يعيقون الحركة ويوقفون سيارات الناس العاديين من أجل مرور مواكب المسؤولين مما يزيد الطين بلة.