طريق الحرير الجديد، أو ما يعرف رسميا باسم مشروع "الحزام والطريق"، هو مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير القديم، ويهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسككا حديدية ومناطق صناعية.
ويعود تاريخ طريق الحرير القديم إلى القرن الثاني قبل الميلاد، ويشير الاسم إلى شبكة الطرق البرية والبحرية التي ربطت بين الصين وأوروبا مرورا بالشرق الأوسط، بطول يتعدى عشرة آلاف كيلومتر.
أما الطريق الجديد، فهو مشروع صيني عملاق تشارك فيه 123 دولة، تريد الصين من خلاله تسريع وصول منتجاتها إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك آسيا وأوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية والوسطى.
في العام المقبل 2023، ستحتفل الصين بمرور عقد على مبادرتها، التي تشير أرقام مركز سياسات التنمية نفسه، إلى أن الاستراتيجية المتبعة لتنفيذها كانت "ناجحة إلى حد كبير". فحتى عام 2021، وقعت الصين مذكرات تفاهم مع 140 دولة و32 منظمة دولية، من بينها 46 في أفريقيا و37 في آسيا و27 في أوروبا و11 في أميركا الشمالية و11 في المحيط الهادئ و8 في أميركا اللاتينية.
بالإضافة إلى ذلك، وفي عام 2020، بلغ الاستثمار الأجنبي الصيني المباشر 154 مليار دولار، ما جعل الصين تصنف كأول مستثمر خارجي في العالم، في حين تحدثت وكالة "شينخوا" الصينية عن زيادة حجم التجارة بين الدول الواقعة على الحزام والطريق، إلى 6 تريليونات دولار منذ إطلاق المبادرة عام 2013 وحتى 2018.
لكن هذه المسيرة لم تخلُ من التحديات، حيث تم تأجيل 20% من المشاريع بسبب تداعيات كورونا، وفق ما نقلته وكالة أنباء "شينخوا" الصينية.
آخر التطورات... العرب رسميًا ضمن مشروع طريق الحرير الجديد:
أكد الرئيس "شي جين بينغ"، رئيس الصين أن العلاقات بين الصين والدول العربية شهدت تطورا كبيرا، حيث أقام الجانبان علاقات شراكة إستراتيجية قائمة على تعاون شامل وتنمية مشتركة لمستقبل أفضل.
وأضاف في كلمته الختامية خلال قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية، أن الصين أقامت علاقات شراكة إستراتيجية شاملة مع 12 دولة عربية كل على حده، ووقعت على وثائق تعاون لبناء الحزام والطريق مع 20 دولة عربية، وأعربت 17 دولة عربية عن دعمها لمبادرة التنمية العالمية، وانضمت 15 دولة عربية إلى البنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وتم إنشاء 17 آلية تعاون في إطار منتدى تعاون الصين العربي.
وأكد الرئيس الصيني أن العلاقات الصينية العربية حققت طفرة تاريخية بما عاد بفوائد ملموسة على الشعبين وضخ مزيدًا من عوامل الاستقرار في المنطقة والعالم، مشيرًا إلى أن القمة الصينية العربية تكللت بالنجاح التام، حيث اتفق الجانبان على العمل بكل الجهود على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد الأمر الذي يعد معلمًا فارقًا في تاريخ العلاقات الصينية العربية.
اتهامات وهواجس غربية... فخ لإغراق الدول بالديون واستعبادها؟!
طالت بكين انتقادات من جهات دولية عدة بسبب تلك المبادرة. فقد حذّر البنك الدولي من "مخاطر" ما تمرره الصين عبر مشاريع مبادرتها، ومن ذلك نقص الشفافية وضعف العوامل الاقتصادية الأساسية ومستويات الحوكمة في العديد من البلدان التي تنضوي ضمنها.
أما الخارجية الأميركية، فاعتبرتها أداة لإغراق الدول الفقيرة بالديون، وهو موقف وافق عليه الأوروبيون، رغم اهتمام بعض دول أوروبا على غرار ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا بالمبادرة الصينية، لكنها تراجعت وقررت طرح مبادرتها الخاصة بالبنى التحتية، ليس فقط داخل الاتحاد، بل لتشمل العالم بأسره.
المقاربة الغربية الأولية لمواجهة مشروع "الحزام والطريق" استندت إلى اعتباره "فخ ديون" لإيقاع الدول المشاركة تحت هيمنة الصين.
ورأى الأوروبيون أنه بالمقارنة مع "خطة مارشال" لدعم الدول الأوروبية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، يأتي التمويل الممنوح لدول مبادرة "الحزام والطريق" ضمن قروض غالباً بمعدلات فائدة عالية، يتوجب على الدول إعادة دفعها، بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، والذي يشير إلى أن الصين على سبيل المثال تموّل خط سكك حديدية فائق السرعة في لاوس، سيكلف تلك الدولة ما يقرب من نصف ناتجها المحلي الإجمالي تقريباً.
وفي غضون أقلّ من عقد واحد فقط، أي منذ إطلاق المبادرة في 2013، تحوّلت الصين إلى أكبر دائن رسمي في العالم، بمنحها قروضاً بنحو تريليون دولار لما يقرب من 150 دولة، مثل الإكوادور وأنغولا وغيرهما.