يستعد البنك المركزي الأوروبي لفرض زيادة كبيرة أخرى على أسعار الفائدة الأسبوع الجاري بينما يتحول الاهتمام بشكل متزايد إلى مقدار الرفع الذي سيتبناه في النهاية.
قرار محسوم:
ينظر الخبراء لزيادة أسعار الفائدة الثانية على التوالي بمقدار 0.75 نقطة المرتقبة يوم الخميس على أنها قرار محسوم، وهي زيادة بدت غير متوقعة تقريباً في وقت سابق من العام الجاري لكنها أصبحت طبيعية بعد ثلاث تحركات مماثلة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، ومن شأنها رفع الفائدة على الودائع إلى 1.5%.
في الواقع، قلائل هم من يعتقدون أن سعر الفائدة سيستقر عند هذا الحد؛ لكن المستثمرين والاقتصاديين يتساءلون إلى أي مدى يمكن رفعه بالنظر إلى الركود المدفوع بأسعار الطاقة والذي يوشك أن يغمر منطقة اليورو التي تعاني بسبب ارتفاع تكاليف التدفئة والرهن العقاري.
هذه الخلفية يمكن أن تعيد تنشيط الجناح المتساهل في البنك المركزي الأوروبي الذي تلاشت مطالبه الداعية للحذر تجاه رفع تكاليف الاقتراض بسرعة كبيرة بسبب صعود الأسعار الذي يقترب من 10%، أي خمسة أضعاف المستوى المستهدف.
وقد رأى المحللون في استطلاع أجرته "بلومبرغ" أن سعر الفائدة على الودائع سيبلغ ذروته في مارس عند 2.5%، لكنهم توقعوا تراجع وتيرة الزيادات بعد ذلك الشهر.
وربما يقدم الاجتماع الذي يستمر يومين شروطاً أكثر صرامة للقروض الرخيصة المقدمة للبنوك في حقبة الأزمة، بالإضافة إلى أفكار حول كيفية تخطيط المسؤولين لتصفية مشتريات البنك المركزي لأصول بتريليونات اليورو.
نهاية الحرب على التضخم لم تقترب حتى:
يرى المحلل الاقتصادي المخضرم "إلمار فولكر" أن "البنك المركزي الأوروبي لم يقترب من نهاية حربه على التضخم... لكنهم قد يبدؤون في التصرف بمرونة أكبر في مطلع عام 2023".
ويحذر صندوق النقد الدولي من "مزيج مسموم" يتكون من التضخم السريع والنمو الاقتصادي الضعيف، متوقعاً حدوث ركود في أكثر من نصف أعضاء منطقة اليورو البالغ عددهم 19 دولة الشتاء الجاري. في الوقت نفسه، يجادل بأنه من المرجح أن تستمر السياسة النقدية المتشددة حتى العام المقبل.
نقطة شائكة:
ما يُتوقع أن يكون بمثابة نقطة شائكة هو إلى أي مدى يمكن لأسعار الفائدة أن تمتد بما يتجاوز النقطة التي تبدأ في تقييد الاقتصاد، ويقع المستوى النظري في مكان ما يناهز 2%.
حيث قال رئيس البنك المركزي الأوروبي "يواكيم ناغل"، الأسبوع الماضي في واشنطن: "يجب ألا يتخلى المركزي الأوروبي عن مساره قبل الأوان". بينما قال محافظ "البنك الوطني السلوفاكي"، بيتر كازيمير :"نحن بحاجة لمواصلة اتباع نهج قوي".
ولن تكون أسعار الفائدة هي الموضوع الوحيد قيد المناقشة، فقد يعلن صانعو السياسة النقدية عن شروط أكثر صرامة على قروض "عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأجل" (TLTRO) للبنوك، المصممة لتعزيز الائتمان، لكن شروطها أصبحت سخية للغاية، ويعتقد البنك المركزي الأوروبي أن التغيير ممكن قانونياً.
التشديد الكمي:
رغم عدم توقع اتخاذ إجراء ملموس في الوقت الحالي، قد تتم مناقشة التشديد الكمي، وهو عملية تفريغ ما يقرب من 5 تريليونات يورو (4.9 تريليون دولار) من السندات التي جمعها البنك المركزي الأوروبي إلى حد كبير خلال الأزمة الأخيرة.
وقد أبلغت رئيسة "البنك المركزي الأوروبي"، كريستين لاغارد، المشرعين الأوروبيين الشهر الماضي أن التشديد الكمي سيبدأ "في الوقت المناسب"، ويفضل بعض المسؤولين تقليص المركز المالي للبنك المركزي الأوروبي ببساطة عن طريق الاحتفاظ بالسندات حتى تُستحق مع التركيز على أسعار الفائدة لإبقاء توقعات التضخم تحت السيطرة.
مستقبل الأسعار:
تظهر استطلاعات البنك المركزي الأوروبي للمستهلكين والمتنبئين المحترفين أن الأسعار ستظل فوق المستهدف خلال السنوات القادمة، كما يتوقع الشيء نفسه مؤشر السوق المفضل من قبل صانعي السياسة النقدية إذ أظهرت الأجور المتفاوض عليها زيادات معتدلة فحسب إلا أن المكاسب المعتدلة قد لا تدوم.
بدوره قال رئيس البنك المركزي الإيرلندي، "غابرييل مخلوف"، الشهر الجاري: "من المتوقع حدوث درجة معينة من آثار الجولة الثانية مع لحاق الأجور الحقيقة بالركب... ما نرغب في تجنبه هو تأثيرات الجولة الثالثة أو الرابعة، التي تصبح فيها توقعات التضخم الأعلى متأصلة".