عند الحديث عن البطاريات الصغيرة فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هي بطاريات "الأزرار"، تلك البطاريات الصغيرة على شكل العملة المعدنية المستخدمة في الساعات وكتب الأطفال الصوتية.
في الواقع إن بطاريات الأزرار هي مصدر إزعاج معروف؛ فهي لا تشكل صداعاً بيئياً فحسب لأنها غير قابلة لإعادة الشحن، ولكنها أيضاً شديدة الخطورة حيث يمكن للأطفال ابتلاعها، ما يسبب لهم حروقا داخلية خطيرة، كما أن استخداماتها محدودة ولم تعد تفي بمتطلبات التطور التكنولوجي الحالي.
أمام هذه المشكلة تعمل شركة أوروبية ناشئة على تطوير بطاريات قابلة لإعادة الشحن يمكن استخدامها أيضاً في تطبيقات أخرى كأجهزة الاتصال وأجهزة الاستشعار المستخدمة في الرعاية الصحية.
حيث تقوم شركة "آيتن" بتطوير بطاريات دقيقة للغاية يمكن دمجها مباشرة في الدوائر الإلكترونية. يبلغ سمكها ما بين 100 ميكرون ضعف سمك شعرة الإنسان تقريباً، وقد يصل سمك أكبرها إلى 2 ميليمتر.
استخدامات واسعة بما في ذلك المجال الطبي:
قال "فابيان غابين"، مؤسس الشركة لوكالة "يورونيوز نكست" إنه "ببساطة، في كل مرة يكون لديك دائرة إلكترونية، من المحتمل أن يكون لديك بطارية صغيرة"، موضحاً أن هذه البطاريات الدقيقة يمكن استخدامها للتتبع، لتشغيل أجهزة الاستشعار والساعات ومن المحتمل أيضاً أن يستفيد المجال الطبي من التكنولوجيا الجديدة.
وفي هذا الشأن أوضح المؤسس: "يمكن استخدام البطاريات الصغيرة في الأدوات الجراحية، أجهزة التحفيز العصبي، زراعة السمع، في العدسات اللاصقة ولصنع العدسات اللاصقة المتصلة".
وأضاف: "المثير للاهتمام حول هذه المكونات هو أنها تفتح مجالا للإمكانيات من حيث الإبداع والأجهزة الجديدة والأدوات الطبية الجديدة".
في الحياة اليومية، ستكون هذه البطاريات الدقيقة بديلاً لخلايا الأزرار الموجودة في كل مكان الموجودة في الأجهزة الإلكترونية مثل الألعاب وأجهزة التحكم عن بعد وسلاسل المفاتيح.
بطاريات صديقة للبيئة:
في حالة ابتلاعها، قد تُسبب خلايا الزر ضرراً شديداً ومميتاً للأنسجة والأعضاء البشرية. يمكن أيضاً أن تستقر بسهولة في أذني الطفل وخياشيمه. علاوة على ذلك، فإن بطاريات الأزرار هذه غير قابلة لإعادة الشحن وبعد استخدامها مرة واحدة فقط، نادراً ما يتم إعادة تدويرها.
في تعديلات اعتمدها البرلمان الأوروبي في الـ 10 مارس-آذار، طلب أعضاء البرلمان الأوروبي من المفوضية الأوروبية تقييم "ما إذا كان ينبغي التخلص من استخدام البطاريات المحمولة غير القابلة لإعادة الشحن للاستخدام العام بشكل تدريجي".
وتراهن شركة "آيتن" حالياً على هذا الزخم من أجل استدامة أكبر لبطارياتها الدقيقة. قال "غابين": "نظراً لأن البطارية أصغر بألف مرة، فإننا نستخدم مواد أقل بكثير".
تعد البطاريات الدقيقة أيضاً أكثر متانة، حيث يبلغ عمرها الافتراضي من 10 إلى 20 عاماً وفقاً للشركة. فهي بطاريات ليثيوم أيون مصنوعة من إلكتروليتات صلبة، وليست سائلة، مصنوعة من السيراميك.
ويُقال إن هذه التقنية، المعروفة باسم بطاريات "الحالة الصلبة"، مستقرة في درجات حرارة عالية مما يقلل من خطر اشتعال البطارية ويسمح بلحام البطارية على لوحة دوائر مطبوعة مثل المكونات الأخرى.
ويعد عدم وجود عناصر أرضية نادرة في هذه البطاريات حجة أخرى للشركة حيث تسعى أوروبا إلى كسر اعتمادها على الصين لهذه الموارد.
وقد استغرق تطوير شركة "آيتن" لبطارياتها الدقيقة ثماني سنوات، وقدمت الشركة أكثر من 200 براءة اختراع. إذ أوضح "غابين" أنه: "لكي نتمكن من صنع هذه المكونات، كان علينا أن نبتكر من الألف إلى الياء. جميع الآلات التي تسمح لنا بتجميعها وتصنيعها في شكل مكونات مصغرة، هي آلات خاصة طورناها بأنفسنا".