توعد الرئيس الصيني "شي جين بينغ" منافسيه بالمنطقة بأن بلاده ستنتصر في معركتها لتطوير تكنولوجيا مهمة من الناحية الاستراتيجية، مما يؤكد قلق بكين بشأن تحركات الولايات المتحدة لفصلها عن قدرات الرقائق المتطورة.
وقد قال "بينغ" في خطاب ألقاه يوم الأحد الماضي في بكين خلال افتتاح الحزب الشيوعي الحاكم: "سنركز على الاحتياجات الاستراتيجية الوطنية، ونجمع القوة لإجراء البحوث العلمية والتكنولوجية المحلية والرائدة، ونفوز بحزم في المعركة في التقنيات الأساسية الرئيسية".
وذكر "بينغ" أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيسرع الابتكار في المجالات الحيوية للقدرة التنافسية. وقال: "ستتحرك الصين بشكل أسرع لإطلاق عدد من المشاريع الوطنية الكبرى ذات الأهمية الاستراتيجية والصورة الكبيرة وطويلة الأجل".
وتوضح التعليقات كيف تخطط الصين للتعامل مع الولايات المتحدة التي تعمل على فرض قيود جديدة على صادرات التكنولوجيا يمكن أن تقوض قدرات الصين في تطوير قطاعات واسعة من اقتصادها، من أشباه الموصلات وأجهزة الكمبيوتر العملاقة إلى أنظمة المراقبة والأسلحة المتقدمة.
الولايات المتحدة لا تقف مكتوفة اليدين:
كانت وزارة التجارة الأميركية قد كشفت في وقت سابق من هذا الشهر، النقاب عن لوائح شاملة تحد من بيع أشباه الموصلات ومعدات تصنيع الرقائق للعملاء الصينيين، مما يضرب أساس جهود البلاد لبناء صناعة الرقائق الخاصة بها.
أضافت الولايات المتحدة أيضًا 31 شركة إلى قائمتها للمؤسسات غير الموثوقة، بما في ذلك "يانجتز ميموري"Yangtze Memory Technologies Co. وشركة تابعة لشركة "نورا تكنولوجي" Naura Technology Group الرائدة في تصنيع معدات الرقائق، مما حد بشدة من قدرتها على شراء الأجهزة من الخارج. حيث كانت هذه التحركات هي الأكثر عدوانية من جانب إدارة "بايدن" حتى الآن في الوقت الذي تحاول فيه منع الصين من تطوير القدرات التي تعتبرها تهديداً.
وانتقدت بكين القيود الأميركية الموسعة على وصولها إلى تكنولوجيا أشباه الموصلات، قائلة إنها ستضر بسلاسل التوريد والاقتصاد العالمي. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية "ماو نينغ" إن الإجراءات - التي يبدأ نفاذها هذا الشهر - غير عادلة وستضر أيضاً بمصالح الشركات الأميركية.
حرب الرقائق وسباق التسلح التكنولوجي:
لطالما دارت معارك حامية بين الشركات العملاقة حول العالم، للسيطرة على الأعمال المعقدة بشكل متزايد والمحفوفة بالمخاطر المتصلة بقطاع أشباه الموصلات. الآن تحول الأمر أيضاً إلى سباق بين الحكومات.
هذه القطع التكنولوجية الصغيرة للغاية لكن مهمة، المعروفة أيضاً باسم "الدوائر المتكاملة" أو "الرقائق" وهو الاسم الأكثر شيوعاً لها، قد تكون أصغر المنتجات التي يجري تصنيعها على الإطلاق وأكثرها دقة كذلك.
ولأن إنتاجها صعب ومكلف للغاية، يعتمد العالم كله على حفنة قليلة من الشركات المنتجة لها. واتضح هذا الاعتماد بشكل صارخ بسبب أزمات النقص التي ظهرت خلال الوباء، إضافة إلى تصعيد قيود الولايات المتحدة على صادرات الرقائق إلى الصين وسط التوترات المتزايدة حول التجارة والأمن.
من المتوقع إنفاق عشرات المليارات من الدولارات خلال السنوات المقبلة في اندفاع كبير نحو توسيع الإنتاج، وسط التداعيات الجيوسياسية والاقتصادية.
لماذا تعتبر أشباه الموصلات مهمة للغاية؟
لأنها الشيء الذي يجعل الأجهزة الإلكترونية ذكية. ويمكن للرقائق، المصنوعة من مواد مثبتة على أقراص من السيليكون، أداء مجموعة متنوعة من الوظائف. فهناك رقائق الذاكرة التي تخزن البيانات، وهي بسيطة نسبياً ويجري تداولها مثل السلع الرئيسية. أما أشباه الموصلات المنطقية، التي تشغل البرامج وتلعب دور العقل المدبر في الأجهزة، فهي أكثر تعقيداً وتكلفة.
وبما أن الأجهزة التي تعمل بالتكنولوجيا -من المعدات الفضائية إلى الثلاجات- أصبحت أكثر ذكاءً واتصالاً، باتت أشباه الموصلات أكثر انتشاراً في العالم الحديث كذلك. هذا الانتشار الهائل جعل بعض المحللين يتوقعون تضاعف الصناعة ستتضاعف من حيث القيمة لتصبح سوقاً بتريليون دولار خلال العقد الجاري.