تقول صحيفة "فايننشيال تايمز" في تقرير حديث أن الحكومة التركية أضافت لثروتها بشكل مفاجئ حوالي 24.4 مليار دولار أكثر مما تستطيع تفسيره هذا العام. مما سمح لواضعي السياسات بتعزيز الاحتياطيات الأجنبية على الرغم من تزايد العجز التجاري وضعف الطلب على الأصول المقوّمة بالليرة.
وتأكيدًا على ذلك، قال المركزي التركي، يوم الاثنين الماضي، إن الأموال التي لا يمكن حسابها في بيانات ميزان المدفوعات الشهرية ارتفعت إلى 5.5 مليار دولار في يوليو/ تموز، مما رفع حصيلة الأشهر السبعة الأولى من العام إلى 24.4 مليار دولار. وكلاهما أرقام قياسية، وفقاً للبيانات التي تعود إلى ما يقرب من أربعة عقود.
من أين تأتي هذه المليارات؟
في الماضي، قال البنك المركزي إن التدفقات غير المبررة على الأرجح كانت عبارة عن المدخرات النقدية التي جلبها الأتراك إلى النظام المصرفي، خاصة عندما تضعف الليرة، أو عند إيداعهم العملات الأجنبية التي يكسبونها من السياح.
لكن دخل السياحة وحده لا يستطيع تفسير الأرقام. ففي يوليو/ تموز، بلغت عائدات سياحة الاصطياف 4.5 مليار دولار، مما رفع الحصيلة بين يناير/ كانون الثاني ويوليو/ تموز إلى 16.4 مليار دولار، وهو ما يمثل حوالي 70٪ من صافي الأخطاء والسهو خلال نفس الفترة.
وتعليقًا على ذلك يقول الخبير "ليام بيتش": "الحقيقة هي أننا ببساطة لا نعرف بأي تفاصيل ما الذي يدفع الإيرادات للزيادة أو ما الذي يحافظ على تماسك الليرة."
بينما يرى الخبير الاقتصادي المقيم في إسطنبول "هالوك بورومتشيكي"، أنه في حين من الطبيعي أن تظهر بيانات الحساب الجاري بعض رأس المال غير معروف المصدر، فإن صعود التدفقات المستمر للاقتصاد التركي هذا العام يُعتبر "مشكلة".
مع ذلك، ألمح الخبير إنه يمكن أن يكون ذلك علامة على افتراضات خاطئة بشأن بعض دخل الخدمات.
مخاطر التدفقات الغامضة:
ساعدت التدفقات الوافدة الغامضة البنك المركزي في الحفاظ على استقرار الليرة نسبياً منذ بداية العام، بعد أن فقدت أكثر من نصف قيمتها في هبوط دام لأشهر في عام 2021.
لكن المحلل المخضرم "إركان إرغوزيل"، يرى أنه "نظراً لطبيعة احتياطيات البنك المركزي من حيث المجمل والصافي والسيولة، فقد يكون تمويل عجز الحساب الجاري مهمة أكثر صعوبة في الأشهر الـ 12 المقبلة" إذا استمرت الشركات التركية في سداد ديون أكثر مما تقترض.
رائحة دعم روسي:
يقول الخبير "تيموثي آش"، إنه "يشم رائحة التأثير الروسي"، مؤكدًا أن البنوك التركية قد تكون سعيدة للغاية بقبول خروج الأموال من روسيا التي تواجه عقوبات.
ويردف الخبير المالي مؤكدًا أن أردوغان بذل قصارى جهده للتخلص من القول المأثور "عدو عدوي هو صديقي" في الأشهر الأخيرة، حيث أقامت تركيا علاقات تجارية أوثق مع روسيا، بينما قامت أيضًا بتزويد الطائرات بدون طيار التي كانت ضرورية للدفاع الأوكراني.
ويعرب المسؤولون الأتراك نوعًا ما عن اعتقادهم أنهم سيكونون رابحين صافين من العقوبات بطريقة أو بأخرى من خلال تسهيل التدفقات، وإذا تحقق ذلك فهذا يعطي إشارة إلى حجم الأموال التي قد تفر من روسيا.
يحدث ذلك بينما يتسع العجز في الحساب الجاري التركي منذ أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة. إذ ارتفع العجز هذا العام إلى 36.7 مليار دولار.
ويُعدّ تمويل هذه الفجوة تحدياً أمام الرئيس "رجب طيب أردوغان". ففي يوليو/ تموز وحده، بلغت تدفقات المحافظ الخارجة 631 مليون دولار.
ويُعزى ضعف الشهية إلى خسائر الليرة والتضخم البالغ 80%، مدفوعاً بتكاليف الطاقة المرتفعة وسياسة البنك المركزي النقدية المتساهلة والمعاكسة للتشديد النقدي في العالم أجمع.