تابعت العملة البريطانية تدهورها بوتيرة متسارعة مع افتتاح تداولات اليوم الاثنين، حيث انخفض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى منذ عام 1985، بعد أن خسر 0.3% في التعاملات المبكرة في آسيا ليصل إلى 1.1472 دولار، وهذا هو المستوى الأدنى منذ أكثر من 37 سنة.
يأتي ذلك مع توقعات بأن يُسجل الجنيه أسوأ موجة هبوط له منذ أكثر من 200 عام، علاوةً على أنه سجل الشهر الماضي أكبر انخفاض منذ التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي، أي منذ منتصف العام 2016.
وفي العام 1985 انخفض الجنيه الإسترليني إلى 1.05 دولار، قبل أن تتضافر أكبر الاقتصادات في العالم لإضعاف الدولار في ذلك الحين.
الجنيه الإسترليني إلى ما دون مستوى التعادل مع الدولار!
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تقريرًا ذكرت فيه أن الخبراء يتحدثون عن "احتمالات متزايدة بأن ينخفض الجنيه إلى ما دون مستوى الدولار الأميركي"، وهو أمر لم يحدث في تاريخ تداولهم الذي يزيد على 200 عام.
ويعتبر هبوط الجنيه الإسترليني أحد الآثار الناتجة عن ارتفاع الدولار، والذي دفع كلاً من اليورو والين الياباني إلى أدنى مستوياتهما في عدة عقود خلال الأيام الأخيرة، بحسب "وول ستريت جورنال".
وبالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية العالمية والمشاكل الأوروبية، تواجه بريطانيا أيضاً جملة من الأزمات الاقتصادية التي تضغط على عملتها المحلية، وفي مقدمتها أزمة طاقة تهدد بترك العديد من الأسر غير قادرة على دفع فواتيرها هذا الشتاء، إضافة الى عدم اليقين بشأن كل من السياسات الاقتصادية التي سيطبقها رئيس الوزراء البريطاني القادم وقدرة بنك إنجلترا على السيطرة على التضخم المرتفع مما يزيد من ضعف الجنيه الإسترليني.
ويعتقد الخبير "داودينغ" أن الجنيه قد ينخفض إلى مستوى التكافؤ مع الدولار الأميركي في العام المقبل، أي أن يصبح الجنيه الاسترليني بدولار واحد، وهو أمر لم يحدث في أكثر من 200 عام من تاريخ تداول العملات.
بريطانيا قد تواجه أكبر أزمة اقتصادية في تاريخها الحديث:
في هذا الصدد يقول الخبير والمستثمر المخضرم "مارك داودينغ"، إنه "من المحتمل أن تكون التحديات الاقتصادية التي تواجه اقتصاد بريطانيا كبيرة مثل أي شيء رأيناه في الذاكرة الحية".
ويدق بنك غولدمان ساكس بدوره ناقوس الخطر محذرًا أن التضخم في بريطانيا قد يصل إلى 22% العام المقبل وسط ارتفاع تكاليف الطاقة، وهو أحد أكبر التوقعات حتى الآن، كما يتوقع البنك أن ينكمش اقتصاد بريطانيا بنسبة 3.4% في هذا السيناريو.
أما المستثمر الخبير "داودينغ" فيرى أن "هناك طريق كئيب حقاً ينتهي بأن يجعل بريطانيا في حاجة للعودة إلى صندوق النقد الدولي من أجل خطة إنقاذ باعتبارها أزمة سوق شبه ناشئة".
وأضاف: "في عام 1976 أجبرت أزمة الجنيه الإسترليني بريطانيا على طلب قرض بقيمة 3.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.. هذا هو أسوأ السيناريوهات".
وتقول "وول ستريت جورنال" إن الجنيه الاسترليني كان في يوم من الأيام العملة الأبرز على مستوى العالم، لكن قيمته ظلت في انخفاض مستمر على مدى القرن الماضي، بالتزامن مع تآكل مكانته كعملة رئيسية في التجارة العالمية واحتياطيات البنوك المركزية.
يذكر في هذا السياق، أنه في عام 2016 وجه التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ضربة قاصمة أخرى للإسترليني، مما أدى إلى مقارنات احتلت العناوين الرئيسية بين الجنيه الإسترليني وعملات الأسواق الناشئة المحفوفة بالمخاطر.
وسجل الدولار أعلى مستوى له منذ 20 عاما أمام سلة من العملات الرئيسية اليوم الإثنين، في حين كان الجنيه الإسترليني واليورو أكبر الخاسرين بعدما أثار وقف روسيا لإمدادات الغاز عبر خط الأنابيب الرئيسي إلى أوروبا مخاوف بشأن أسعار الطاقة والنمو.
ولامس اليورو 0.9901 دولار في التعاملات الآسيوية المبكرة، وهو ما يزيد قليلا عن أدنى مستوى والذي سجله الشهر الماضي عند 0.99005 دولار.