تتسم مراحل حياة الإنسان بتفاوتٍ كبير عند الحديث عن الجانب المالي والاقتصادي، فعلى سبيل المثال من النادر أن تجد رجلًا بعمر الستينات يفكر في تعلم مهنة أو الانطلاق في مشروع عمل جديد، كما أنه من النادر أيضًا أن تجد شابًا بالعشرينات يتحدث عن تأسيس شركة أو الاستثمار بالعقارات.
هذا الاختلاف يستدعي أيضًا وجوب تحقيق أهداف معينة في كل مرحلة من تلك المراحل، ولأن العشرينات والثلاثينات من عمر الإنسان هي المرحلة الأهم والأخطر، سنتحدث فيما يلي عن 5 أهداف مالية إن لم تكن قد نجحت في تحقيقها ضمن تلك الفترة سيتحتم عليك الوقوف فورًا للتفكير مليًا، ثم الاستنفار للتصرف كما يجب، قبل أن تخسر مستقبلك وتندم حين لا ينفع الندم.
الهدف الأول: بناء أساس مهني قوي
يعتبر سن العشرينات من العمر وقتا رائعا لتأسيس مستقبل مهني قوي. وخلال تحديد المسار الوظيفي الذي ترغب في أن تسلكه، خذ الوقت الكافي لإنشاء شبكة مهنية قوية وفكر في جميع الخيارات المتاحة لك. لا تخش من تجربة مسارات أخرى، فعندما تتخصص في مجال الأعمال التجارية على سبيل المثال فإن ذلك لا يعني أنه لا يمكنك ممارسة مهنة في مجال الاتصالات.
إذا وصلت إلى بداية الثلاثينات من العمر، وأنت عاجز عن تقديم وصف مهني مناسب ودقيق لنفسك، فاعلم أنك في ورطة، بغض النظر عما تجنيه من المال.
أكثر من يقع في هذه الورطة هم الشباب الذين يمتهنون الأعمال الحرة المتطلبة للمجهود البدني فحسب (العمال) بالإضافة إلى الذين غرقوا في الدراسة وفي الحياة الأكاديمية بدون اكتساب خبرة مهنية (دودة الكتب).
كلا الصنفين سيجدون أنفسهم بمعزل عن سوق العمل، وعن المهارات المطلوبة للخوض فيه، فالعامل يستمر بتأدية وظيفة محددة روتينية لا تعطيه أي خبرة ويراهن على صحته وعلى قوة جسده التي ستخذله قريبًا. أما الأكاديمي فيعيش في عالم موازي بمعزل عن الواقع وما يتطلبه السوق، فيجد أن غير الدارس يفهم بمجاله أكثر منه من الناحية العملية والتطبيقية.
الهدف الثاني: بدء التخلص من الديون
قد يبدأ الإنسان عمره وهو متورط بالعديد من الديون، وهذا أمر طبيعي فأي عمل أو تجارة سيحتاج إلى رأس المال، ولا يتوفر رأس المال مسبقًا مع الجميع.
بالرغم من أنه قد لا يكون بمقدورك سداد قروضك كاملة ببلوغك سن الـ 30 من العمر، فإن عليك اتخاذ الخطوات اللازمة للعمل على سدادها، وعليك أيضا أن تعمل على سداد أي ديون أخرى من المتفرقات (تلك التي تحصل عليها من صديق أو قريب وتكون مبالغ صغيرة أو متوسطة).
وعندما تتمكن من إدارة ديونك بشكل جيد وتسديدها، فإن ذلك من شأنه أن يفتح لك الأبواب لخطوات أخرى في حياتك، مثل امتلاك منزل أو شراء سيارة جديدة.
خذ الوقت الكافي الآن لوضع خطة لتسديد الديون حتى تتمكن من دفعها جميعا، أو فكر في برنامج لتخفيض الديون لمساعدتك على تسديدها في وقت أقرب.
الهدف الثالث: الوصول إلى وضع مالي يسمح لك بالادخار
نمط حياة "من الراتب إلى الراتب"، يجب التخلص منه سريعًا مع بلوغ عمر الثلاثينات، ويجب الوصول إلى وضع مالي يسمح لك بالادخار والتفكير في مستقبلك ومستقبل عائلتك مليًا.
من الأهداف المهمة التي ينبغي أن تتبناها، في العشرينات من العمر، إنفاق أموال أقل كل يوم. ولا يعني ذلك بالضرورة أن تحرم نفسك مما تحب للقيام بذلك. ويمكنك مثلا وضع ميزانية، والبدء في التسوق في محلات الأغذية وأسواق الملابس التي تعتبر أسعارها معقولة، والاستفادة من القسائم، وانتظار مواسم تخفيضات الأسعار على سبيل المثال.
ويمكنك أيضًا البحث عن طرق لخفض النفقات المتكررة الكبيرة بحيث توفر مزيدا من المال في جيبك، وذلك لوضعه في مدخراتك وأهدافك الاستثمارية الأخرى.
وعلى سبيل المثال سيمكنك وضع ميزانية من خفض أو إلغاء الإنفاق على أمور ضارة بالميزانية مثل تناول الطعام بالمطاعم أو دفع مبلغ مقابل عضوية في ناد رياضي، وذلك من خلال اكتساب عادات مثل الطبخ في البيت وممارسة الرياضة بالهواء الطلق.
وسيمكنك تبني سياسة للاقتصاد في المصروفات من إنفاق المزيد من أموالك على أشياء أكثر أهمية بالنسبة لك الآن، كما سيؤسس لسلوكيات مالية مسؤولة ستخدمك بشكل جيد بعد العشرينات من العمر.
الهدف الرابع: بدء التخلي عن نمط الحياة الاستهلاكي والتفكير بالاستثمار
في مرحلة مبكرة من العمر يكون هم الشخص الأول أن يحصل على المال الذي يكفيه طعامه وشرابه وسكنه، لكن الاستمرار على هذه الوتيرة لوقت طويل أمر شديد الضرر بالنسبة لك شخصيًا ولمستقبلك المالي. لذلك يجب التفكير والبدء بالاستثمار.
حتى لو كنت موظفًا يحصل على راتب ثابت عليك التفكير في بدء استثمارك الخاص، ليس بالضرورة أن يكون ذلك شركة كبيرة أو تجارة ضخمة، يمكن أن يكون استثمارًا بالأسهم أو العملات أو السلع، ويمكن أن يكون استثمارًا يدر عليك دخلًا سالبًا (شراء عقار بالتقسيط بضمانة راتبك وتأجيره – افتتاح محل صغير ودعمه بالسلع وتوظيف أحدهم ليديره).
لا ننتظر منك الوصول إلى الاستثمار المثالي واللعب بالأموال في عمر الثلاثينات، لكن يجب عليك البدء بالتأسيس فعليًا للاستقلال المالي في هذه المرحلة.
الهدف الخامس: امتلاك صندوق طوارئ
من أهم المهام المالية التي يمكنك إنجازها وأنت في سن العشرين فتح صندوق للطوارئ، وهو عبارة عن مجموعة من الأموال التي تخصصها للنفقات غير المخطط لها.
وهذا الصندوق بمثابة تأمين مالي عند وقوع أحداث غير متوقعة في الحياة. وعلى سبيل المثال، إذا ألمّ بك مرض طارئ أو فقدت وظيفتك فجأة أو تعطل جهاز كنت تعتمد عليه، فيمكنك دفع تكاليف ذلك باستخدام الأموال التي ادخرتها في صندوق الطوارئ، الأمر الذي سيجنبك صرف مدخراتك أو الدخول في الديون.
وهناك أمور تتحكم في المبلغ الذي تدخره في العشرينات من العمر، ومنها استقرارك الوظيفي ودخلك، وما إذا كانت عليك ديون أم لا وما إذا كنت في أسرة ذات دخل فردي أو مزدوج.
وفي كل الأحوال، ينبغي أن يكون هدفك توفير أموال في صندوق الطوارئ تكفي لنفقات معيشتك لمدة تتراوح بين 3 و6 أشهر.
وعندما تبدأ في وضع الميزانية لأول مرة، حدد هدفًا للادخار بحيث تخصيص 2% على الأقل من كل راتب شهري تتقاضاه لصندوق الطوارئ الخاص بك لمدة 6 أشهر. ثم قم بزيادة هذا المبلغ بنسبة 1-2% كل 6 أشهر أو كل عام لزيادة الأموال بصندوق الطوارئ مع مرور الوقت.
ويوصي بعض الخبراء بتوفير أموال بصندوق طوارئ تعادل راتبك الشهري لـ 3-6 أشهر بدلاً من مبلغ كاف لنفقات المعيشة في نفس المدة.