نشر بنك "جيه بي مورغان" الأمريكي الشهير توقعاتٍ حديثة حول أسعار السلع لمنتصف العام، مبينًا أن السلع الأساسية – بما في ذلك النفط – ستشهد ارتفاعاتٍ كبيرة وسط شح الإمدادات وانخفاض المخزونات.
ووفقًا لتوقعات البنك، يمكن أن يصل إجمالي ارتفاع الأسعار إلى 10% بنهاية الصيف في نصف الكرة الشمالي و5% بنهاية عام 2022. وقال التقرير إن التقلبات ستظل مرتفعة أيضاً.
وقد يلامس النفط مستويات 150 دولاراً للبرميل على المدى القصير، في حين يمكن أن تصل الذرة إلى 13 دولاراً للبوشل- وهو أعلى سعر قياسي على الإطلاق في كل تاريخها.
وأوضح عدة محللون في التقرير "عدم وجود مخزون احتياطي يجعل السوق عرضة لانقطاع الإمدادات غير المخطط له؛ مثل تصاعد الاحتجاجات في ليبيا، وتدهور أوضاع المحاصيل الأميركية، وموسم الأعاصير النشط في المحيط الأطلسي، الذي قد يؤدي إلى إغلاق مصافي التكرير في خليج المكسيك".
وأكدوا أنه بسبب الظروف الحالية "يظل التوجّه بأكمله نحو الشراء". خصوصًا في مجال النفط، حيث شهدت الأسواق العالمية نقصاً في المعروض مع انخفاض طاقة التكرير لدى روسيا والصين، وازداد النقص في الغاز والديزل على حد سواء مع ارتفاع الطلب على وقود النقل.
أما على صعيد الزراعة، فيتوقع "جيه بي مورغان" أن "هناك القليل من الوضوح" حول موعد استئناف شحنات الحبوب من أوكرانيا، خامس أكبر مصدر في العالم. بالتالي، فإن السلع الزراعية يمكن أن تصعد بنسبة 30% وفقاً للتقرير.
وبالنسبة للمستهلكين، لن يكون هناك ارتياح كبير من تضخم أسعار الغذاء وارتفاع الأسعار. إذ قال التقرير: "على عكس فترات تضخم أسعار الغذاء السابقة، فإن الأسعار المرتفعة وحدها لن تكون كافية لحل أزمة المخزون في هذه الظروف، والتي من المرجح أن تستمر في رأينا".
هل يمكن تجنب كارثة جنون أسعار النفط؟
يرى الخبراء أنه بدون فرض ركود اقتصادي أو فرض تخفيضات كبيرة على الاستهلاك من خلال إغلاق الأسواق على غرار الوباء، لا يوجد الكثير الذي يمكن فعله لتجنب صدمة الأسعار القادم، وذلك يعود لـ 4 أسباب:
السبب الأول أساسي للغاية، وهو أنه بالرغم من ارتفاع أسعار النفط، لا يبدو أن استهلاك المنتجات النفطية آخذ في الانخفاض. وفي وقت تكون فيه ثقة المستهلك منخفضة، يشتري الأميركيون البضائع بكميات كبيرة، ولا يزال النمو الاقتصادي ونمو الوظائف منتعشا إلى حد ما، رغم الحديث عن "التضخم المصحوب بالركود" والركود الوشيك.
السبب الثاني أكثر تعقيدا ويرتبط بطرق تصنيع النفط والخام إلى منتجات نفطية قابلة للاستخدام.
وبينما يمكن للدول والشركات الاستفادة من مخزونات النفط والمنتجات النفطية المخزنة للاستخدام المستقبلي (أحد ابتكارات أزمة الطاقة في السبعينيات التي استمرت في تشكيل اقتصاديات الطاقة اليوم) تُستنفد هذه المخزونات بوتيرة تاريخية سريعة، وهذا هو السبب الثالث لاستمرار الأسعار في الارتفاع.
وهذا يقودنا إلى السبب الرابع، وهو العرض، ففي ظل الظروف العادية سيستجيب المنتجون لمستويات أعلى من الطلب بضخ المزيد من النفط، لكن هناك قدرا ضئيلا بشكل مثير للصدمة من الطاقة الفائضة المتبقية في اقتصاد النفط العالمي.
وستزيد الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط في العالم، الإنتاج بما يصل إلى 720 ألف برميل يوميا عام 2022، وقد تباطأ المستثمرون في ضخ المزيد من الأموال في الإنتاج الجديد، ولكن رغم ترددهم، فإن الإنتاج المحلي في طريقه لتحطيم الأرقام القياسية عام 2023، والقيود المادية، مثل نقص خطوط الأنابيب والعمالة اللازمة لفتح آبار جديدة، مما يجعل من غير المحتمل حدوث زيادة إضافية بالإنتاج.