فوضى التسعير وتفاوت أسعار السلع والاستغلال والاحتكار هي جميعها مشاكل متأصلة في عموم سوريا، نتيجة الإدارة الحكومية السيئة والفاسدة لهذه الملفات. لكن الأسواق في ريف دمشق حازت على نصيب الأسد من هذه المشاكل، فالفرق بالأسعار بين الريف والمدينة بات شاسعاً بالنسبة لمعظم المواد، ووصلت نسبة الفرق في بعض أنواع الخضار والفواكه على وجه الخصوص لحدود 50 بالمئة وأكثر.
ارتفاع جنوني لأسعار المواد بالريف... ما سببه:
اعتبر "ياسر أكريم"، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، أن ارتفاع أسعار المواد في الريف أكثر من المدينة سببه ارتفاع أجور النقل بين المدينة والريف والنقل الداخلي إلى القرى البعيدة، فضلاً عن ندرة توفر المواد وغياب المنافسة وقلة حركة البيع في الريف مقارنة بالمدينة.
وأوضح، في حديثه مع صحيفة محلية، أن القوة الشرائية في الريف أضعف من المدينة وبالتالي فإن حركة البيع أضعف من مثيلتها في المدينة ونتيجة لذلك يلجأ التاجر لرفع أسعاره من أجل تغطية مصاريفه، مشيراً إلى أن لجوء البعض لتحقيق نسب أرباح كبيرة تصل لحدود 50 بالمئة أمر غير مبرر. وأكد أن الحل لضبط الأسعار هو توافر المواد بكثرة والمنافسة.
وفي نفس السياق، طالب "أكريم" الحكومة بضرورة العمل على حل هذه المشكلة عبر التدخل الإيجابي وتنشيط صالات "السورية للتجارة" في الريف. ففي حال ملاحظة نقص في مواد ما ضمن منطقة معينة يجب توفيرها في صالاتها وبأسعار أقل من السوق وفي هذه الحالة سيضطر التاجر لخفض أسعاره والبيع بأسعار قريبة من أسعار السورية للتجارة.
وانتقد "أكريم" ما وصفه بالضعف الواضح في تدخل السورية للتجارة بالريف، مؤكداً أن المخالفات التموينية لا تحل مشكلة ارتفاع الأسعار ولا تؤدي إلى ضبطها وهذا الأمر يحتاج إلى كادر كبير من المراقبين التموينيين.
في الاتجاه المقابل، يرى البعض أن مقترح "أكريم" هذا أبعد ما يكون عن وصفه بـ "حل منطقي للمشكلة"، لأنه يعترف أن رفع التاجر للأسعار ناتج جزئيًا عن أمور خارج سيطرته، فبدل أن تتدخل الحكومة بدور المضارب كان الأجدر بها التدخل بدور المساند.
بدوره أكد رئيس جمعية حماية المستهلك "عبد العزيز المعقالي"، أن نسبة ارتفاع الأسعار في الريف عن المدينة يجب ألا تتجاوز 5 بالمئة كحد أقصى، باعتبار أن هناك تكاليف إضافية يدفعها التاجر في الريف أكثر من التاجر في المدينة أبرزها أجور النقل وتكاليف أخرى.
وعن ضعف الرقابة التموينية على الأسعار في الريف أكد "المعقالي" أن سببه قلة المراقبين التموينيين "لذا يجب زيادة عددهم". وبيّن أن الفوضى في التسعير في الريف أكبر من الفوضى في المدينة.
وأشار "المعقالي" إلى أن الجمعية طالبت أكثر من مرة وزارة التموين بأن تشارك في التسعير لكنها إلى الآن ترفض، مؤكداً أن مشاركة جمعية حماية المستهلك في التسعير "ستجعلها أكثر دراية ومعرفة بواقع الأسواق والأسعار".
وختم بالقول: "إن مشكلة ارتفاع الأسعار في الأسواق أكبر من استطاعة وزارة التموين في ظل الظروف الحالية وهي غير قادرة على ضبط الأسعار."