في هذه الأثناء، وبينما تخطط أوروبا لحظر الغاز الروسي، أو على الأقل حظر جزء كبير منه قبل نهاية العام، تتسابق الدول والشركات العالمية على تأجير ناقلات الغاز المسال قبل حلول موسم الشتاء المقبل، الذي من المتوقع أن يرتفع فيه الطلب على شحنات الغاز المسال بمعدلات قياسية لتعويض النقص في الغاز الروسي.
وأدى السباق المحموم على شحنات الغاز إلى ارتفاع إيجار ناقلة الغاز المسال في المتوسط إلى 120 ألف دولار في اليوم الواحد، مقارنة بسعرها في العام الماضي البالغ 82 ألف دولار، حسب بيانات شركة "كلاركسونز بلاتيو سيكويورتيز" الأميركية.
ويعني ذلك ارتفاعاً في الأسعار بأكثر من 50%، وهو أعلى سعر لإيجار الشاحنات منذ عقد. لكن أزمة وسطاء تجارة الغاز المسال لم تعد في الأسعار، ولكن في الحصول على ناقلات للإيجار، حسب خبراء في سوق الطاقة.
لكن على أي حال ما هو الغاز المسال ولماذا قد حاز على كل هذه الأهمية في الفترة الأخيرة...؟
الغاز المسال هو غاز طبيعي تم تحويله من حالته الغازية -التي يوجد عليها في الطبيعة- إلى الحالة السائلة، عن طريق تبريده إلى 162 درجة مئوية تحت الصفر.
ويكون الغاز المسال على شكل سائل عديم اللون والرائحة، ولهذا تضاف إليه كميات من مركب كيميائي (يشبه الكبريت في رائحته) قبل الشروع في توزيعه، من أجل إعطائه رائحة مميزة كعنصر أمان يسمح بالتعرف على وجوده في الهواء إذا وقع أي تسرب.
يتكون الغاز المسال بشكل أساسي، من خليط من المركبات الهيدروكربونية، ويحتوي على كميات كبيرة من غاز الميثان (70-98%)، ونسب قليلة من هيدروكربونات أخرى مثل الإيثان والبروبان والبيوتان. كما يحتوي أيضا على الماء وثاني أكسيد الكربون والنيتروجين والأكسجين وبعض مركبات الكبريت.
وتتم إزالة معظم هذه المكونات الثانوية من الغاز الطبيعي وتنقيته من الشوائب خلال عملية التسييل، حيث يتكون الغاز المتبقي بشكل رئيسي من الميثان.
وتمكّن عملية التسييل من تقليص حجم الغاز الطبيعي إلى حوالي 1/600 مقارنة بحالته الأصلية، مما يسهل تخزينه ونقله بأمان وبكميات كبيرة وعبر مسافات طويلة إلى مختلف أنحاء العالم.
وبعد تسييل الغاز تأتي مرحلة تخزينه ونقله إلى الأسواق، وتستدعي هذه المرحلة المحافظة على حرارة الغاز المسال عند 160 درجة مئوية تحت الصفر، لكي يبقى على شكل سائل ولا يتحول إلى حالته الغازية الأصلية.
ويتم نقل الغاز الطبيعي المسال عبر ناقلات مصممة خصيصا لهذا الغرض، وتحتوي كل ناقلة على عدة صهاريج ضخمة عازلة للحرارة ومكونة من جدار إسمنتي تبلغ سماكته مترا واحدا، بالإضافة إلى بطانة داخلية مصنوعة من الحديد.وبعد وصول شحنات الغاز المسال إلى وجهتها النهائية (موانئ جهات الاستيراد) يتم تفريغه في خزَّانات، ثم يُعاد إلى الحالة الغازية من خلال رفع درجة حرارته (تسخينه)، وضخه في أنابيب من أجل توزيعه بغرض الاستهلاك المنزلي و/أو الصناعي.
وتشير العديد من الدراسات إلى أن الغاز الطبيعي المسال هو حاليًا في عصره الذهبي، مع تزايد استخداماته وقودا لوسائل المواصلات، وموردا نظيفا للطاقة المتجددة والصديقة للبيئة في العديد من الصناعات على مستوى العالم، بفضل التقدم التكنولوجي الذي شهده القطاع على مستوى تقنيات التسييل والنقل والاستعمال.وتشير بيانات مجلة "أل أن جي جورنال" الأميركية المتخصصة في سوق الغاز الطبيعي، إلى أن حجم ناقلات الغاز المسال سيرتفع من حجمها الحالي البالغ 700 إلى 800 ناقلة خلال العامين المقبلين، وأن إجمالي طاقة النقل الكلية لناقلات الغاز المسال تقدر بنحو 105 ملايين متر مكعب، كما زاد عدد الناقلات العام الجاري بنحو 68 ناقلة، مقارنة بزيادة 47 ناقلة في العام 2020.
وتأتي معظم الزيادة في الأسطول العالمي من الناقلات من الشركات القطرية والأميركية التي تنشط في نقل الغاز المسال من الولايات المتحدة إلى أوروبا لتعويض النقص في الغاز الروسي.
ولدى قطر أكبر وأحدث أسطول لناقلات الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يفيد من ناحية سهولة تلبية طلبات زبائنها من المادة.