أعلنت حكومة الجزائر حطر كافة وارداتها من إسبانيا، ابتداءً من اليوم الخميس الموافق لـ 9 حزيران/ يونيو، وفقاً لبيان صادر عن جمعية المصارف الجزائرية.
وحدث ذلك بالتزامن مع إعلان الجزائر تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي كانت قد أبرمتها مع إسبانيا قبل 20 عاماً، وهي المعاهدة التي ألزمت الجانبين بالتعاون في السيطرة على تدفقات الهجرة، في خطوة تزيد تصعيد الخلاف حول موقف إسبانيا إزاء الصراع في الصحراء الغربية.
وقد أوردت وسائل الإعلام الحكومية الجزائرية الخبر دون إبداء أي أسباب، لكن الجزائر سحبت في مارس/ آذار الماضي سفيرها لدى إسبانيا للتشاور بعدما قالت إسبانيا إنها تدعم خطة المغرب التي تمنح المستعمرة الإسبانية السابقة الحكم الذاتي.
الجدير بالذكر، أن الجزائر تدعم جبهة البوليساريو التي تسعى إلى الاستقلال الكامل للإقليم الذي يعتبره المغرب جزءاً من أراضيه ويسيطر عليه في الغالب.
وقال مسؤول جزائري سابق لـ "رويترز" إنّ الجزائر تعتقد أن الحكومة الإسبانية قررت عدم الحفاظ على العلاقات الجيدة مع الجزائر.
للتنويه: تصنف قضية الصحراء الغربية على أنها من أقدم النزاعات الأفريقية التي خلفها الاستعمار ومازالت تستنزف الموارد والمستعصية على الحلول التوافقية. وتتصف منطقة الصحراء الغربية بأنها ذات بنية سكانية عشائرية مختلطة بين العرب والأمازيغ، وبالرغم من الهجرات البشرية المتعاقبة على المنطقة لم يتمكن أي طرف من إقامة سلطة مركزية على هذه الصحراء، التي ظلت تستوطنها قبائل بدوية كانت تقوم بعقد اتفاقيات تتعدد بتعدد الجهات والزعامات والأطراف دعما لهذه السلطة أو مهادنة لتلك في دول الجوار.
متابعةً للخبر، وفي نفس الصدد، فقد أكدت مصادر دبلوماسية إسبانية قرار الجزائر، قائلة إنّ حكومة مدريد تأسف للقرار، وتؤكد التزامها مضمون ومبادئ المعاهدة.
وكانت المعاهدة المبرمة في عام 2002 قد دعت كلا الجانبين إلى "تعميق تعاونهما في السيطرة على تدفقات الهجرة ومكافحة الاتجار بالبشر"، حسب النص المسجل في الجريدة الرسمية الإسبانية.
بدء تدفق المهاجرين:
بالتزامن مع هذه المعمعة في العلاقات بين البلدين، وصل 113 مهاجراً غير شرعي، يوم أمسٍ الأربعاء، إلى جزر البليار الإسبانية، وهو طريق تقول السلطات الإسبانية إنّ القوارب القادمة من الجزائر تميل إلى استخدامه.
وعمومًا، زادت تدفقات المهاجرين بشكل حادّ عبر البحر المتوسط هذا العام بعد أن أثر وباء كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا في الاقتصاد العالمي.
ماذا عن غاز الجزائر الذي يحتاجه الإسبان أكثر من أي وقتٍ مضى؟
يُذكر أن الجزائر تُعَدّ مورداً رئيسياً للغاز بالنسبة إلى إسبانيا. لكن الرئيس الجزائري "عبد المجيد تبون"، قد أكد في وقت سابق أنه لن يفسخ عقد التوريد بسبب هذا الخلاف.
وقال وزير الخارجية الإسباني "خوسيه مانويل ألباريس" إنه لا يوجد مؤشر على حدوث تغيير. وذكرت وزيرة الطاقة الإسبانية "تيريزا ريبيرا" أن موقف الجزائر المتعلق بإمدادات الغاز نموذج يُحتذى به.
وحسب ما قاله مصدر مطّلع لوكالة "رويترز" فإنه من المتوقع أن تراجع الجزائر أسعار أي عقود جديدة للغاز مع شركات إسبانية. وأضاف المصدر نفسه، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن العقد الحالي طويل الأجل، وأن الأسعار أقل بكثير من المستوى السوقي الحالي.
ورغم تراجع اعتماد إسبانيا على الغاز الجزائري في الأشهر الأخيرة، لا يزال نحو ربع الغاز الذي تستورده إسبانيا يأتي من الجزائر في الربع الأول من هذا العام، مقارنة بأكثر من 40 بالمئة عام 2021، بحسب مشغل شبكة الغاز.