تدور العديد من الأحاديث والشائعات في الأوساط السورية هذه الأيام، بخصوص احتمالية زيادة الرواتب، بسبب استفحال الغلاء والتضخم الحاصل في البلاد خلال الآونة الأخيرة، خاصة وأن مستوى الرواتب (قياسًا بسعر صرف الدولار والقدرة الشرائية) في أدنى مستوياته تاريخيًا، وبالتزامن مع إحصائيات عديدة تؤكد وصول نسب الفقر في البلاد إلى أرقام مهولة.
في هذا الصدد، كشف عضو مجلس الشعب السوري "محمد خير العكام"، عن مقترح لتعديل قريب للأجور والرواتب في سوريا، بالإضافة إلى مشروع قانون يتم العمل عليه لإعفاء 100 ألف ليرة سورية من الراتب من الضرائب والرسوم.
وعن مقترح تعديل الأجور، قال "العكام" في حديث مع إذاعة “المدينة” المحلية، إن المقترح سيقدم لوزير المالية السوري ليضع تعديل الرواتب والأجور في مشروع الموازنة، دون تحديد النسبة.
وأشار عضو مجلس الشعب السوري إلى أن المقترح الذي تم رفعه للحكومة ينص على أن يكون الحد الأدنى للأجور 150 ألف ليرة، موضحاً أن الحد الأدنى من الرواتب اليوم هو 92 ألفاً.
وأكد "العكام" أن راتب 100 ألف هو قليل وحد الكفاف يجب أن يكون أكثر من ذلك، مضيفاً: "الحد الأدنى لمصروف أسرة من 4 أشخاص لا يقل عن مليون ونصف".
راتب شهري لا يكفي لمصروف أسبوعي:
يرى خبراء ومختصون اقتصاديون أن المعاشات والأجور اليوم في سوريا أقل من أي معدل معقول وأنه لا يمكن استمرار مستويات الأجور الحالية لأنها لا تشكل ميزة تشغيلية، فقيمة الرواتب تمنع نمو السوق ولا تدعم الاستهلاك.
ويعتمد معظم الناس على المساعدات (الحوالات) المقدمة من أهاليهم في المهجر، وهو ما يمكن اعتباره دلالة صارخة تظهر مدى الشلل الاقتصادي في سوريا. وقد كشفت مصادر اقتصادية في وقت سابق وفقا لتقارير إعلامية، أن 70 في المئة من السوريين يعيشون على الحوالات، مقدرة حجم المبالغ التي تصل سوريا من المغتربين يوميا بـ 5 ملايين دولار.
وكانت وكالة روسية شهيرة، قد ذكرت في تقرير سابق نقلا عن الباحث الاقتصادي "عمار يوسف"، أن “هذه الحوالات ليست بمبالغ ضخمة، حيث أن متوسط قيمة الحوالة الواحدة لا يتجاوز 200 يورو أو دولار بالحد الأقصى".
وأضاف "يوسف"، أن معظم الحوالات تصل بطرق غير نظامية عن طريق المعارف، موضحا أن” الفرق بين سعر صرف الدولار الحكومي وسعره في السوق السوداء حوالي 20 بالمئة، وهذه النسبة يعتبرها المواطن من حقه “. مؤكدًا أن تدني رواتب الموظفين سببا أساسيا لاحتياج المواطن السوري إلى هذه الحوالات والمساعدات الخارجية.
هذا ويعيش أكثر من 85 بالمئة من المواطنين في المناطق التي الواقعة تحت سيطرة الحكومة من سوريا تحت خط الفقر، بحسب بيانات “الأمم المتحدة“، في حين أن متوسط الراتب الشهري لموظفي القطاع العام لا يتجاوز 22 دولارا، ولموظفي القطاع الخاص حوالي 60-70 دولارا.
أما بالنسبة لموظفي الحكومة، فيؤكد مراقبون ومطّلعون على الوضع السوري أن الرشوة تشكل “أهم مصدر رزق أساسي غير قانوني لهم”، حيث تتراوح الجدوى من هذا المصدر حسب درجة التوظيف.
ويلتزم الكثير من الناس بوظائفهم على أساس أن "الرمد أفضل من العمى"، لكن الرواتب المتدنية للغاية باتت لا تصلح لتطبيق هذا المثل حتى؛ وهو ما يشجع نسبة أكبر من الموظفين على الانخراط في منظومة الفساد وقبول الرشاوي التي تفضي في النهاية إلى أضرار جسيمة تدمر المجتمع وقطاعات العمل والاقتصاد.