فقد الملياردير الأميركي الشهير "جيف بيزوس"، حوالي20.5 مليار دولار من إجمالي ثروته بعدما تدهورت نتائج وأرباح شركة أمازون بشكل مخيب للآمال. إذ هوى سهم "أمازون.كوم" في أكبر انخفاض له في يوم واحد منذ 2006، ليكون السهم قرب أدنى مستوياته في عامين.
وتراجعت أسهم شركة التجارة الإلكترونية بنسبة 14.05% في جلسة أمس الجمعة، بعد أن أعلنت عن خسارة ربع سنوية وأبطأ نمو في المبيعات منذ عام 2001.
وانخفض صافي ثروة "بيزوس" من ذروة هذا العام (210 مليار دولار) إلى 148.4 مليار دولار، وفقًا لمؤشر "بلومبيرغ" للمليارديرات.
وخسر أغنى 500 شخص في العالم ما مجموعه أكثر من 54 مليار دولار يوم الجمعة وسط هزة عنيفة ضربت أسواق الأسهم.
من أغنى رجل بالعالم إلى ثالث أكبر خاسر للثروة هذا العام:
صاحب شركة أمازون "جيف بيزوس"، البالغ من العمر 58 عامًا، والذي كان يومًا ما أغنى رجل في العالم، أصبح الآن ثالث أكبر خاسر للثروة هذا العام، حيث انخفضت ثروته بنحو 44 مليار دولار منذ الأول من يناير/ كانون الثاني 2022.
وتكافح أمازون مع ارتفاع تكاليف العمالة بعد الإفراط في التوظيف أثناء الوباء وارتفاع التضخم الذي قد يعيق المبيعات. حيث سجلت الشركة خسارة صافية قدرها 3.8 مليار دولار في الربع المنتهي في 31 مارس/ آذار 2022، مقارنة بأرباح 8.1 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
وهم الثروة... حينما تكون أغنى رجلًا بالعالم اليوم وأكبر مفلس بالعالم غدًا:
يعتمد النظام التقليدي البسيط الذي نعرفه ونستخدمه في حياتنا اليومية، في قياس ثروة الأفراد وحجم الأنشطة التجارية، على 5 محددات. لشرح هذه المحددات دعنا نفترض أنك تاجرٌ تمتلك متجرًا للبقالة أو ماركت، ستحسب حجم تجارتك حينها بالاعتماد على ما يلي:
- رأس المال: البضاعة التي على الرفوف وتنتظر من يشتريها + المبلغ النقدي الذي تخصصه لشراء بضاعة جديدة.
- الأرباح المجردة: هي الأرباح التي تعتبرها ثروة شخصية وتخرجها من العمل لتخزنها في حسابك الخاص.
- الأرباح المتوقعة من البضائع الموجودة: هي أرقام غير ثابتة، وتعتمد على عدد كبير من العوامل لذلك لن تعتبرها كجزءٍ من ثروتك الشخصية حتى تحصل عليها فعلًا.
- الديون: إذا كانت تجارتك ناجحة ستكون قادرًا على إيفاء الديون إما من الأرباح المجردة أو من الأرباح المتوقعة حسب الرغبة.
- الخصوم: هي الفواتير وإيجار الدكان وما شابه؛ إذا كانت تجارتك ناجحة ستكون قادرًا على سدادها بنفس الشكل بالنسبة للديون.
حسنًا، ما ذكرناه أعلاه هو النظام التقليدي الأقرب للمنطق من أجل احتساب الثروة وحجم أي عمل تجاري، لكن الشركات العملاقة وحيتان المال بالعالم لا يحتسبون ثروتهم بهذا الشكل على الإطلاق؛ فحين نقول لك أن القيمة السوقية لشركة "تسلا" التابعة لأغنى رجل بالعالم تبلغ تريليون دولار، فهذا لا يعني أن الشركة تمتلك هذا المبلغ من حر مالها، أو أن قيمة منتجاتها على أرض الواقع تساوي هذا المبلغ.
الترليون دولار هذه هي حجم الشركة بالبورصة، والبورصة هي أقرب لما سميناه بـ "الأرباح المتوقعة" في النظام التقليدي أعلاه. ولعله من المفيد أن نخبركم أن ما يحدد هذا المبلغ ليس دراسات عميقة أو تحليلات مالية، بل مضاربات وتقديرات جزافية وتوقعات تصيب حينًا وتخطئ أحيانًا.
قد يخرج "إيلون ماسك" غدًا ليعترف أن مشاريع السيارات الكهربائية لا تسير كما المتوقع، وهو يبحث عن استثمارات أخرى ليتابع بها، حينها ستتبخر مليارات الدولارات من أسهم الشركة في لحظات، وهي ليست بالمعنى الحرفي خسائرًا للشركة لأنها لم تكن تمتلكها أصلًا!
أما عن حجم السيولة النقدية، والسلع والمنتجات ذات القيمة الثابتة، في أيدي هؤلاء المليارديرات وشركاتهم الكائنة ضمن فقاعات ضخمة، فهي لا تؤهلهم لأن يكونوا من أغنى الكيانات في العالم على الإطلاق.
تخيل الفرق المضحك: "تصل ثروة "إيلون ماسك" إلى 257 مليار دولار، لكن أغلبها على شكل أسهم في شركات، أما ما بين يديه من السيولة النقدية فلا يتجاوز 3 مليارات دولار."
أما المستفيد الأكبر من هذا الكلام فهي البنوك والكيانات المسيطرة عليها، لأن هذه المتاهة قائمة بأساسها على الاقتراض الربوي...
تسحب البنوك النقد من أيدي الناس البسطاء والموظفين والعاملين، وتُنقِص قيمة السيولة بين يدي أولئك الذين يرفضون التعامل معها عبر التضخم والسياسات المالية المدمرة، ثم تخصص هذه السيولة لدعم المليارديرات الذين يبنون مشاريع هي أشبه بـ "وحوش من ورق"، فتبلغ قيمة مشاريعهم في البورصة نتيجة التسويق والمبالغة أرقامًا لا يتخيلها الإنسان، ثم تُرجع البنوك الأموال لعامة الشعب الذي يهرع لشراء أسهم هذه الشركات الناجحة على شكل قروض بمعدلات فائدة فاحشة.