يتلقى الموقع الإلكتروني لمجلة "Russian Emirates" الناطقة بالروسية والتي تتخذ من دبي مقرا لها، كل يوم سيلا من الأسئلة عن كافة النواحي المتعلقة بالعيش في الإمارات بالنسبة للرعايا الروس بدءا من المطاعم التي تقدم الأطعمة الروسية في الإمارات إلى عيادات الأطباء الذين يتحدثون الروسية في الإمارة الخليجية.
ويبدو أن السؤال الأكثر شيوعا والذي حاز على أكثر من 83 ألف مشاهدة كان: "هل يمكنني الحصول على جنسية الإمارات؟". فمنذ الغزو الروسي لأوكرانيا وفرض العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي، تضاعف عدد قراء ومتصفحي الموقع الإلكتروني لمجلة "Russian Emirates" حيث وصل إلى 300 ألف خلال أسبوع.
وعلى إثر ذلك ازدهر سوق العقارات في دبي بشكلٍ خاص، حيث شهدت الإمارة صفقات بقيمة 35 مليار دولار في سوق العقارات في 2021، وهي أعلى نسبة مسجلة منذ الأزمة المالية العالمية 2008 وفقاُ لشركة العقارات Savills.
وقال المطور العقاري ورجل الأعمال الإماراتي "حسين سجواني" لشبكة "سن إن بي سي" إن "دبي تبلي بلاءً حسناً"، والطريقة التي تعاملت بها دبي مع الجائحة كانت عاملاً رئيسياً في ازدهار السوق الآن."
كما أضاف "سجواني" أن الإمارات ستستفيد من قدوم الروس إليها وحصولهم على ملاذ آمن لثرواتهم وسط الحرب المستمرة في أوكرانيا والعقوبات الغربية الشديدة.
والروس من بين أكبر المستثمرين في القطاع العقاري قبل الحرب، وفقاً لرويترز، كانوا يشترون عقارات في دبي مستخدمين العملات المشفرة كوسيلة لجلب أموالهم إلى الإمارات.
ورغم العلاقات الأمنية القوية التي تجمع الإمارات والولايات المتحدة والتحالف الاستراتيجي بين البلدين، إلا أن الإمارات نأت بنفسها عن الانحياز إلى أي طرف في الأزمة الأوكرانية ولم تشارك في فرض عقوبات على روسيا.
لماذا ترقد الأموال المشبوهة في الإمارات؟
تقول "ميرا مارتيني"، الخبيرة في منظمة الشفافية الدولية، إنه على الرغم من عدم "اهتمام السياسيين الفاسدين والفاسدين بشكل عام بمدى الاستقرار السياسي في بلادهم، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بالمكان الذي يحتفظون فيه بأموالهم، فإن الأمر سيحظى بالكثير من الاهتمام لديهم".
وهي تعتقد أن هناك سببين رئيسيين آخرين يجعلان الإمارات مكانا مثاليا لإخفاء الأموال التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة: "السبب الأول وجود سرية في المعاملات المالية والسبب الثاني هو أن الإمارات لا تتعاون كثيرا مع الدول الأخرى بشأن هذه القضايا".
وكانت مجموعة العمل المالي الدولية قد أفادت بأن دبي قد تلقت حوالي 300 طلب مساعدة من الخارج بين عامي 2013 و2018، بيد أن السلطات لم تتجاوب إلا مع 89 طلبا.
وفي هذا السياق، تقول مارتيني إن السلطات الإماراتية "بطيئة للغاية في هذا الصدد ولا تتخذ خطوات استباقية. فعلى سبيل المثال إذا انتقل شخص إلى الإمارات فمن غير المرجح ترحيله".
وتضيف: "كل هذه الأمور تجعل الإمارات مكانا جذابا لمن يريدون تجنب العقوبات أو إخفاء ثرواتهم."
يشار إلى أنه في حال استثمار 272 ألف دولار (185 ألف يورو) في الممتلكات العقارية، يمكن الحصول على تأشيرة دخول إلى الإمارات لمدة ثلاث سنوات وإذا وصل حجم الاستثمار إلى حوالي 1.36 مليون دولار (1.18 مليون يورو) فإنه يمكن الحصول على تأشيرة مدتها خمس سنوات.
وعلى وقع هذا، قد يجد الروس من أبناء الطبقة المتوسطة العليا في الإمارات الملاذ الآمن لتجنب الاستيلاء على شركاتهم أو أموالهم من قبل حكومتهم أو تعرض الاقتصاد الروسي للانهيار جراء العقوبات الغربية.