باتت موجات البرد في سوريا تأتي كل منها مع ارتفاعٍ جديد في سعر المازوت بالسوق الموازية أو السوداء، وسط إهمال حكومي وتقصير كبير في توزيع المخصصات المتواضعة أصلا. حيث اشتكى المئات على مواقع التواصل الاجتماعي من أنهم لم يحصلوا حتى الآن على الدفعة الثانية من المازوت.
وقد نقلت صحيفة "الوطن" المحلية عن بعض المواطنين أنهم اضطروا لشراء المازوت حراً وبسعر 4000 ليرة لليتر في اليوم الأول من العاصفة، وبـ 4500 ليرة في يوم أمس. بينما تحدث آخرون أن سعر اللتر وصل إلى 5000 ليرة في بعض المناطق كالسويداء.
وقال أحدهم: "قطعنا عن أنفسنا لقمة الأكل لنستطيع شراء غالون مازوت بـ 80 ألف ليرة فقط لا غير، كي ندفئ بها أطفالنا الصغار الذين لم تحمهم البطانيات ولا اللحف من البرد الشديد."
وقال آخر: "أليس عجيباً أن يتوافر المازوت بالسعر الحر وبأي وقت وأي كمية، بينما هو مفقود بالطرق النظامية؟"
وقالت سيدة وهي أم لطفلين: "المازوت غير متوافر بموجب البطاقة الذكية ولا بالمحطات التي تبيعه بسعر التكلفة، فمنذ تفعيل الطلبات على المحروقات بتطبيق (وين) لم تصلنا رسالة لا لتعبئة الـ 50 ليتراً بالسعر المدعوم، ولا تلك المقررة بسعر التكلفة."
وأضافت: "لذلك اضطررت لشراء 20 ليتراً من السوق السوداء بثلثي راتبي كي أتجاوز وطفلاي هذه الموجة الباردة من دون أي أضرار جسدية."
في الاتجاه المقابل، بيّن عدد من باعة المازوت الحر للصحيفة، أن موجة البرد رفعت بورصة المحروقات عالياً، فليتر المازوت كان يصلهم إلى دكاكينهم وزوايا الشوارع التي يبيعونه منها بنحو 2300 ليرة بالجملة، وكانوا يبيعونه بـ 2800 ليرة. أما مؤخراً صار يصلهم بـ 3500 ليرة ويبيعونه ما بين 4000-4500 ليرة، ومعظمه من أصحاب سرافيس وصهاريج.
وأكدوا أن ليتر البنزين كان يصلهم بـ 2200 ليرة وكانوا يبيعونه بـ 2700 ليرة، واليوم يصلهم بـ 3000 ليرة ويبيعونه بـ 3500 ليرة، ومعظمه من أصحاب تكاسي عامة وخاصة.
ما الذي تنتظره الحكومة لتعطي الناس مخصصاتهم التي وعدت بها؟
رداً على أسئلة طرحت عليه حول التأخر بتوزيع الدفعة الثانية من مازوت التدفئة للمواطنين، بيَّن عضو في لجنة المحروقات المركزية، أن نسبة التوزيع ضعيفة، لم تتجاوز حتى تاريخه 21 بالمئة.
وعزا ذلك إلى شح الكميات المخصصة للمحافظة من المازوت، التي كانت نحو 27 طلباً لكل القطاعات، وصارت اليوم نحو 16 طلباً فقط منذ بداية الشهر الجاري.
وأشار إلى أن لجنة المحروقات المركزية باجتماعها الأخير، أكدت ضرورة إعطاء الأولوية في التوزيع، للمخابز والمشافي ووسائل النقل وري المزورعات، وإلزام المحطات بتوزيع كامل مخصصاتها، وتشديد المراقبة لتخفيف الازدحام على المحطات.
وفيما يتعلق بالمازوت المخصص للبيع بسعر التكلفة، بيَّن المصدر للصحيفة ذاتها، أنه غير متوافر في المحطات التي خصصت للبيع بسعر التكلفة على البطاقة، وإنما متوافر للنقل فقط، وفي حال زيادة المخصصات وورود الكميات الكافية ستوزع للمواطنين وفق البطاقات الذكية.
في حين أوضح مدير التجارة الداخلية بحماة "رياض زيود"، أن دوريات حماية المستهلك تتابع المتاجرين بالمحروقات والمحطات التي تتلاعب بها.
وأفاد بأن الدوريات نظمت منذ بداية شهر آذار الجاري العديد من الضبوط، وصادرت نحو 150 ليتراً من المازوت، وضبطت محطة يتاجر صاحبها بنحو 2830 ليتراً من البنزين، ومحطة أخرى بنقص ليتر مازوت في كل 20 ليتراً، وصهريجاً أحدث سائقه فتحة بأعلى العداد بقصد الغش.
ولفت "زيود" إلى أنه تم إغلاق عدة محطات الشهر الماضي أيضاً لارتكابها مخالفات جسيمة بتوزيع المحروقات. كما تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين، وفق أحكام المرسوم 8 لعام 2021.