تعافت أسعار النفط خلال تعاملات يوم الخميس، بعدما أكدت الإمارات العربية المتحدة على التزامها باتفاق أوبك+ لزيادة الإمدادات شهريا بواقع 400 ألف برميل يوميًا فقط، مما يلغي تصريح سابق لسفيرها في واشنطن بأن بلاده تفضل زيادة أكبر.
وقد أعادت أسعار النفط المتذبذبة والباهظة لأذهان العالم أجواء أزمة 1973، عندما طبقت الدول العربية حظرًا واسعًا على تصدير الخام الأسود إلى الدول الداعمة لدولة الاحتلال.
كما أعادت للذاكرة صدمة عام 2008 حيث تخطت أسعار الخام الأسود وقتها حاجز الـ 146 دولارا للبرميل.
الغرب ينقسم:
انقسم الموقف الغربي بخصوص فرض العقوبات النفطة على روسيا إلى معسكرين، وجرت الأمور كالتالي:
المعسكر الأول تقوده الولايات المتحدة، التي أعلنت وقف واردات النفط والغاز من روسيا نحو أراضيها، وكذلك بريطانيا التي أعطت لنفسها مهلة حتى نهاية العام لإيجاد بدائل عن موارد موسكو، إضافة إلى دول أخرى أقل تأثيراً على السوق، والتي قررت الالتزام بالحظر النفطي.
أما المعسكر الثاني فعلى رأسه الاتحاد الأوروبي، المعني مباشرة بالغزو الروسي لأوكرانيا، والذي لم يستطع حتى اليوم إعلان الحظر النفطي، نظراً لتبعيته المفرطة للغاز والنفط الروسيين. كما انضمت تركيا لهذا المعسكر حيث أعلنت اليوم عدم التزامها بالحظر الأميركي.
وبين المعسكرين الأول والثاني، تبرز منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي ترتبط بتحالف مع دول منتجة أخرى على رأسها روسيا، في اتفاق يعرف بـ"أوبك+".
المنظمة قررت اتخاذ طرف في الحرب النفطية الكبرى، وأكدت أنها لن ترفع إنتاجها النفطي، على الرغم من نداء الاستغاثة الذي أطلقه العديد من الدول الأوروبية ومنها ألمانيا، والضغوطات التي تمارسها الإدارة الأميركية.
أوبك تعيد إلى الأذهان أزمة 1973:
إن موقف أوبك، إضافة إلى المؤشرات غير المبشرة للاقتصادات التي لم تخرج بعد من تبعات فيروس كورونا، أعاد إلى ذهن الغرب أزمة العام 1973.
ويأتي ذلك مع تحذير وزير الاقتصاد الفرنسي "برونو لومير"، يوم أمسٍ الأربعاء من أن الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا ستنتج عنه آثار مماثلة لصدمة النفط عام 1973.
وقد صرّح "لو مير"، خلال مؤتمر في باريس بأن أزمة الطاقة الحالية "يمكن مقارنتها في حدتها ووحشيتها بصدمة النفط عام 1973".
وأضاف: "في عام 1973، تسببت الأزمة في حدوث صدمة تضخمية، مما دفع البنوك المركزية إلى زيادة معدلات الفوائد بشكل كبير، ما أدى إلى إعاقة النمو. وهذا له اسم: الركود التضخمي، وهذا بالضبط ما نريد تجنبه في عام 2022".
دول الخليج ترفض إنقاذ المعسكر الغربي:
بشكلٍ مشابه لما حدث بالماضي، تمتنع منظمة أوبك اليوم عن إنقاذ الغرب من الكارثة النفطية، رافضةً زيادة إنتاج النفط لتوفير الإمدادات الكافية للأسواق مع بدء العقوبات النفطية على روسيا.
ويأتي الأدهى والأمر عندما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن البيت الأبيض فشل في محاولة إجراء اتصال هاتفي بين الرئيس "جو بايدن"، وولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" وولي عهد أبوظبي الشيخ "محمد بن زايد آل نهيان".
وأوضحت الصحيفة في خبر نقلته عن مسؤولين أميركيين وسعوديين كبار، أن هدف الاتصال كان مناقشة مواضيع تقديم دعم دولي لأوكرانيا وضبط أسعار الوقود المتزايدة في العالم.
السيناريو المرعب يتكرر نفسه:
تشرح وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أنها رصدت التسلسل الشهري لأسعار النفط منذ عام 1970، "وبشكل لا يصدق، من حيث النسبة المئوية، فإن صدمة سعر النفط التي رفعته إلى أكثر من 130 دولاراً اليوم، هي في الحقيقة على نفس النطاق مثل تلك التي حدثت في العام 1973".
وتضيف أن "كلتا الصدمتين تنطويان على إعاقة غير طبيعية للتجارة. عام 1973، فُرض الحصار على دول الغرب. الآن، يتفاعل السوق مع الاحتمال المتزايد بأن الغرب سيفرض حظرًا مشابهًا جدًا على نفسه".
كذلك الأمر، فهناك تشابه حرج آخر مع عام 1973، هو مستوى التضخم. في الواقع، تكشف مقارنة معدل التضخم العام على مدى السنوات الخمس الماضية بالتضخم على مدى السنوات الخمس حتى نهاية سبتمبر/ أيلول 1973 عن تشابه مخيف...
فقد بلغ تضخم مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة اليوم 7.5%؛ وعشية الحظر النفطي لعام 1973 كانت النسبة 7.4%، علما أن توقعات التضخم على المدى المتوسط عند أعلى مستوياتها في 8 سنوات في الولايات المتحدة وألمانيا.
وتعود "وول ستريت جورنال" إلى التشبيه ذاته بين الحقبتين، مشيرةً إلى أن الاحتياطي الفيدرالي غير قادر على تخفيف الضربة التي تلقاها الاقتصاد من خلال القفزة المفاجئة في أسعار النفط، حيث كان لا يزال يحاول اللحاق بالتضخم الجامح.
ثم تلفت إلى أنه حتى الولايات المتحدة التي تعتبر نفسها أكثر قوة من الأوروبيين في فرض الحظر النفطي، قد تطاولها الأزمات الناتجة من العقوبات.
اتمنى مغربي مسلم بأن تستمر أزمة النفط حتى تطال إسرائيل الكيان الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية و القدس الشريف