صعدت أسعار العقود الآجلة للقمح لليوم الرابع على التوالي محطمةً أرقامًا قياسية لم تشهدها منذ 14 عامًا، إذ ارتفعت عقود قمح الشتاء الناعم الأحمر القياسي خلال تداولات يوم الخميس في "بورصة شيكاغو" بأقصى نسبة مسموح بها إلى 11.34 دولار للبوشل (مكيال للحبوب).
وكانت الأسعار قد ارتفعت بنسبة 50% خلال الشهر الماضي، وهذا ما يفسر أن الزيادة الحالية وصلت بأسعار القمح إلى مستويات تاريخية.
يأتي ذلك بينما تعرقل الحرب المندلعة في أوكرانيا، إلى جانب العقوبات الأمريكية والأوروبية واسعة النطاق على روسيا، الإمدادات من البحر الأسود بينما كان المخزون العالمي يواجه سابقًا ضغوطاتٍ بالفعل.
الجدير بالذكر، أن أوكرانيا وروسيا وحدهما تسهمان بأكثر من ربع صادرات القمح في العالم، إلا أن الأعمال القتالية أدت إلى إغلاق الموانئ وأوقفت عمليات النقل وقطعت العمليات اللوجستية.
كما تهدد الحرب زراعة القمح هذا العام في أوكرانيا بما أن المزارعين قد يكونون منخرطين في القتال، وستواجه البلاد نقصاً في البذور والأسمدة.
إلى متى؟
بحسب وكالة "بلومبرغ"، فمن المتوقع أن يستمر شح الإمدادات إلى الفصل المقبل، وربما أطول من ذلك. بالتالي، فإن المحصول الغزير في أمريكا الشمالية ومناطق أخرى في أوروبا سيكون ضرورياً جداً هذا الصيف من أجل الحدّ من المزيد من الارتفاعات في الأسعار.
وفيما تهدد الحرب الشحنات من منطقة البحر الأسود، يفكر المشترون بإبرام عقود آجلة للحصول على الحبوب الأسترالية حتى الربع الثالث، بحسب شركة الشحن الرائدة "مجموعة سي بي إتش" (CBH Group).
غلاء القمح يجر وراءه غلاء شامل في أسعار الغذاء:
أدت هذه الزيادة في الأسعار إلى رفع مؤشر بلومبرغ الزراعي إلى معدل قياسي، كما تسهم في تضخم أسعار الغذاء العالمية، ويأتي ذلك مترافقاً مع ارتفاع أسعار النفط وغيرها من السلع، ما يجبر المصارف المركزية على تشديد السياسات النقدية بعد سنوات من أسعار الفائدة المنخفضة جداً.
وعلاوةً على القمح، تعدّ روسيا وأوكرانيا من أكبر مصادر الذرة والشعير وزيت دوار الشمس كذلك.
وهكذا فقد سجلت أسعار الذرة ارتفاعًا إلى أعلى معدل لها منذ عام 2012، كما سجل زيت الصويا وزيت النخيل معدلات قياسية. في غضون ذلك، تسعى الصين أكبر مستورد للذرة وحبوب الصويا وأحد أكبر مشتري القمح لتأمين احتياجاتها الأساسية من الأسواق العالمية، ما يسهم في رفع الأسعار أكثر.
أما مصر، أكبر مستورد للقمح، فهي في مأزق صعب. إذ كانت روسيا وأوكرانيا قد أسهمتا بـ 86% من واردات البلاد من القمح عام 2020، بحسب الأمم المتحدة. إلا أن الحرب والعقوبات المتسارعة والارتفاع الكبير بأسعار الشحن والتأمين تعرقل جهودها في تأمين الامدادات اللازمة.
ولمثل هذا الأمر مضاعفات إضافية في الدولة الشمال أفريقية، حيث كان ارتفاع أسعار الغذاء قد أسهم في اندلاع المظاهرات وقيام الثورات قبل عقدٍ من الزمن.