هذه الحرب ليست كغيرها من الحروب، فالسلاح الأقوى هذه المرة ليس الدبابات ولا الطائرات ولا الراجمات، بل هو سلاح الاقتصاد. وحين كانت حربًا اقتصاديًا، صارت العملات المشفرة هي أحدثُ سلاحٍ يمكن استخدامه فيها، والغلبة لصاحب النفَس الأطول والاقتصاد الأقوى.
في هذا الصدد، يحذر عدد متزايد من الخبراء من أن روسيا ستتجه بشكل شبه مؤكد إلى العملات المشفرة لمساعدتها في الالتفاف على العقوبات، على الرغم من أنها لن تحقق سوى الحد الأدنى من النجاح.
كل الطرق تؤدي إلى الكريبتو:
قال "ديفيد كارلايل"، مدير السياسات والشؤون التنظيمية في شركة تحليلات البلوكتشين Elliptic، في رسالة، يوم أمسٍ الاثنين: "عندما تتعرض البلدان لعقوبات شديدة، فإنها تستميت في البحث عن حلول"، مؤكدًا حديث الخبراء الآخرين في تحذيرهم من أن روسيا ستسعى "بلا شك" إلى استخدام العملات الرقمية للمساعدة في تقليل تأثير العقوبات.
على الرغم من أن بورصات العملات المشفرة في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا ستوقف على الأرجح جميع التعاملات مع روسيا تقريبًا، إلا أن "كارلايل" يقول إنه لا تزال هناك بعض البورصات المتواطئة في تسهيل النشاط غير المشروع، مثل خدمات SUEX و Chatex التي فرضت الولايات المتحدة العام الماضي عقوبات عليها بعد تسهيل أكثر من 350 مليون دولار من معاملات العملات المشفرة للمجرمين المقيمين في روسيا.
الخيار الأكثر جاذبية:
في السياق ذاته، ربما يكون "الخيار الأكثر جاذبية" لروسيا الغنية بالطاقة هو استخدام تعدين العملات المشفرة، والذي يحدث بالفعل في مقاطعة سيبيريا الشاسعة، لإنتاج أصول يمكن تحويلها إلى أموال أو استخدامها لدفع ثمن الواردات، كما يقول "كارلايل"، مضيفًا أن إيران بحسب ما أفادت التقارير قد استخدمت عائدات التعدين للمساعدة في تفادي العقوبات.
وحين سألت وكالة "فوربس" أكثر عن تفاصيل الأمر، لم ترد وزارة الخزانة الأميركية على الفور، لكن مسؤولًا أخبر صحيفة Politico، الأحد، أن العملات الرقمية "لن تكون بالضرورة مقلقة" لأن مبلغ الأموال التي يتعين على الحكومة الروسية نقلها سيكون أكبر بكثير من "ما لوحِظ مؤخرًا".
وأقر "كارلايل"، أنه في ظل وجود قطاع مصرفي بقيمة 1.4 تريليون دولار، "ببساطة لا توجد طريقة يمكن لروسيا أن تستخدم العملات المشفرة وحدها" كي تتفادى تمامًا تأثير العقوبات. مشيرًا إلى أنه حتى الدول ذات الإنتاج الغزير من تعدين العملات المشفرة مثل إيران وكوريا الشمالية جمعت "فقط" حوالي مليار دولار من العملات المشفرة لكل منها، لكنه يقول إن المساعي المحتملة يمكن أن تظل مفيدة للشركات الخاضعة للعقوبات أو الأثرياء النافذين.
هل نظام البلوكتشين جاهز تمامًا لهذه الخطوة؟
نظرًا لأن العديد من معاملات العملات المشفرة تخزن المعاملات على أنظمة البلوكتشين المفتوحة للجميع، فإن إمكانية تتبع المعاملات غير المشروعة من شأنها أن تشكل عائقًا آخر للالتفاف على العقوبات على نطاق واسع.
وقالت "كارولين مالكولم"، رئيسة السياسات الدولية في شركة تحليلات البلوكتشين Chainalysis، لموقع CoinDesk، الخميس: "لقد رأينا ذلك في الماضي عند فرض عقوبات، حيث توجد حالات تم فيها تحديد عناوين محفظات على أنها كيانات خاضعة للعقوبات". مضيفة أنه يمكن وضع إخطارات لمعرفة وقت حدوث المعاملات على الفور. ومع ذلك، هناك بعض العملات المشفرة، مثل monero، التي تم تصميمها لتعزيز إخفاء الهوية.
باينانس لن تتبع أهواء الغرب:
قالت منصة باينانس، أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم، اليوم الاثنين، إنها ستحظر حسابات الأفراد الروس الذين تمت معاقبتهم، لكنها لن تجمد حسابات جميع المستخدمين الروس.
وتأتي تصريحات باينانس بعد أن دعا نائب رئيس الوزراء الأوكراني بورصة العملات المشفرة الرئيسية إلى حظر جميع حسابات المستخدمين الروس.
وقال متحدث باسم، أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم: "لن نقوم بتجميد ملايين حسابات المستخدمين الأبرياء"، وفقاً لما ذكرته شبكة "CNBC".
وأضاف، أن مجتمع العملات المشفرة تأسس بشكل أساسي، بهدف توفير قدر أكبر من الحرية المالية للأشخاص في جميع أنحاء العالم. واتخاذ قرار أحادي الجانب بحظر وصول الأشخاص إلى عملاتهم المشفرة من شأنه أن يضرب الغاية من وجود العملات المشفرة.
وقالت باينانس إنها "تتخذ الخطوات اللازمة لضمان اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين تم فرض عقوبات عليهم مع تقليل التأثير على المستخدمين الأبرياء".
من جانبه، قال جيسي باول الرئيس التنفيذي لشركة Kraken، وهي منصة تداول رئيسية أخرى للعملات المشفرة، على تويتر إن الشركة "لا يمكنها تجميد حسابات عملائنا الروس دون شرط قانوني للقيام بذلك".