طبّقت الحكومة السوريا يوم الثلاثاء الماضي، قرار شرائح الدعم عبر ظهور رسائل في تطبيق "وين" لبعض الفئات أنهم مستبعدين من الدعم الحكومي مع شرح الأسباب. إذ تم استبعاد 596 ألفاً و638 بطاقة أسرية من الدعم للمواد التموينية ومشتقات الوقود وغيرها، وبما يعادل 15 بالمائة من البطاقات.
وقد ترافق ذلك مع قيام وزارة التجارة الداخلية برفع سعر ربطة الخبز (1100غرام) للخارجين عن الدعم من 250 إلى 1300 ليرة سورية، بعدما رفعت أخيراً أسعار المشتقات النفطية بالسوق السورية بنحو 40%، ليصل سعر ليتر المازوت إلى 1700 ليرة وسعر البنزين إلى 2500 ليرة. كما بدأ منذ أمس فرض سعر أسطوانة الغاز المنزلي بـ 30 ألف ليرة.
وقد لاقت هذه الخطوات امتعاض الناس وتسببت بالكثير من الجدل والضجة في الشارع السوري على الرغم من أنه كان يتم التمهيد لها منذ شهور.
القصة أكبر من استبعاد بضع عائلات:
في تصريحاتٍ أدلاها لصحيفة "العربي الجديد"، يرى الاقتصادي السوري "حسين جميل" أن "معظم السوريين بالداخل فقراء". واعتبر أن رفع الدعم عن شرائح واسعة من المجتمع كانت تحمل سابقاً بطاقة ذكية، وبيعها السلع بأسعار السوق "جريمة تفقير" إضافية بحق السوريين، لأن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر وفق بيانات المنظمات الدولية، فعلى أي أساس تقول الحكومة أن هؤلاء ليسوا بحاجة للدعم والمساندة.
ويتوقع الخبير الاقتصادي أن استبعاد نسبة 15% من قوائم الدعم اليوم خطوة كبيرة في طريق سحب الدعم عن البقية لسببين، حسب رأيه.
الأول مغازلة صندوق النقد الدولي وفتح قنوات للحصول على قروض، بعد تطبيق الوصفات التي تفرضها المؤسسات الدولة المالية، والثاني تهرّب الحكومة من أهم واجبات الدولة تجاه الشعب، خاصة خلال الحروب والأزمات.
هل يمكن حقًا توجيه أموال الدعم نحو زيادة الرواتب؟
أكد الخبير المالي والمصرفي "عامر شهدا" أن الحديث عن تمويل الرواتب والأجور من خلال تقليص الدعم "خطأ اقتصادي كبير".
وكتب "شهدا" على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تعقيباً على كلام معاون وزير النفط مؤخراً عن وفورات الدعم وزيادة الرواتب من خلالها قائلاً: "من يتحمل مسؤولية تداعيات زيادة الرواتب من الدعم، اعتقد أن الخطأ الكارثي على الأبواب".
وأضاف الخبير: "إذا زادت الرواتب أو زاد الدعم الإضافي والحوافز للموظفين فإن النتائج ستكون أكثر ألماً من الآن".
وطالب "شهدا" بحصر المسؤولية بوضوح، مبيّناً أن من يريد تقليص الدعم، عليه أولاً أن يزيد الرواتب ليرفع الطلب الكلي في السوق ويحرك عجلة الإنتاج لتلبية الطلب، وبالتالي هذا يدفع باتجاه تطوير وسائل وسبل الإنتاج.
وأشار الخبير المالي إلى أن هدف الحكومة من زيادة الأجور عن طريق وفورات الدعم ما هو إلا استجابة لتطورات سعرية معينة وليس لنقل الاقتصاد من مرحلة إلى أخرى.
تقليص الدعم لن يحقق أي وفورات مالية:
كتب الإعلامي الاقتصادي المقرب من الحكومة "معد عيسى" مؤخرًا: "الحقيقة لن يكون هناك وفر، ولكن سيكون هناك تقليص للخسائر، والأمر سيكون على الشكل التالي، فبدل أن تشتري الدولة نفطاً ومشتقات نفطية بمليارين ونصف مليار دولار سنوياً وتبيعها للمواطن بمليار ونصف مليار، بخسارة مليار دولار، ستقوم ببيعها بمليارين، أي خفضت الدعم 500 مليون دولار، ولكن لم يتحقق لديها وفر لتوزعه بقطاعات أخرى."