كشف اتحاد الحرفيين السوريين عن اقتصار عدد المنشآت الجديدة في سوريا التي أعلن عن افتتاحها لغاية الربع الثالث من عام 2021 على نحو 231 منشأة فقط، وبرأسمال 3214 مليون ليرة سورية.
وقد أكد الاتحاد، أن معظم المنشآت يعاني من نقص في المواد الخام إضافةً إلى ارتفاع أسعارها وندرة وجود بعضها بسبب منع استيرادها، إضافةً إلى الانقطاع الطويل وغير المنتظم للطاقة الكهربائية.
وتتوزع هذه المنشآت وفقاً لموقع "الصناعي السوري" كما يلي: 49 منشأة في حمص و47 في طرطوس و36 في حماة و30 في ريف دمشق و22 في درعا و18 في السويداء و16 في اللاذقية و9 في حلب والباقي بواقع منشأة واحدة في كل من دمشق والقنيطرة ومدينة عدرا الصناعية، بينها 104 منشآت هندسية، و102 منشأة غذائية، و15 منشأة كيميائية، و10 منشآت نسيجية.
مشاكل المنشآت الحرفية لا تقتصر على تردي خدمات الطاقة والكهرباء:
نقل الموقع ذاته عن رئيس اتحاد الحرفيين "ناجي الحضوة" قوله إن "عدد الحرفيين المسجلين نحو 160 ألف حرفي يقابلهم العدد ذاته غير مسجلين".
وأضاف أن "المنشآت الحرفية تعاني من العديد من الصعوبات والمشاكل التي ازدادت حدة وصعوبة خلال هذا العام والتي لم تقتصر على نقص الطاقة وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج وحسب بل برزت صعوبات ومشاكل خاصة بهذه المنشآت تنوعت حسب كل نشاط من أنشطة عملها".
صناعات الدباغة والصناعات الجلدية تحتضر:
أشار رئيس الجمعية الحرفية للدباغة بدمشق "مازن ثلجة" إلى أن نسبة ذبح الأغنام والأبقار في الآونة الأخيرة انخفضت إلى 80 في المئة نتيجة عدة عوامل، أبرزها ارتفاع أسعار اللحوم، إضافة إلى إصابة الأبقار بوباء الجرب، ما أدى إلى تلف جلودها، وبالتالي ارتفاع أسعار الجلود الخام من الأبقار والغنم بنسبة 100%، وسبّب ذلك نقصاً حاداً بالجلود المعدة للدباغة.
وأوضح أنه "توجد 85 منشأة حرفية وصناعية بالمدينة الصناعية بعدرا، أغلبها متوقف عن العمل بسبب ضعف السوق المحلية، وغلاء كلفة التصنيع بالنسبة لسعر الصرف للمواد الأولية، كما يوجد ما يقارب 30 منشأة متوقفة معروضة للبيع، وبحدود 40 منشأة متوقفة عن العمل".
وكشف أن جمعية الدباغة طالبت باستيراد جلود نصف مصنعة من جلود الأبقار لعدة عوامل، أبرزها صعوبة استيراد الصوديوم سلفيد الممنوع استيراده إلى سوريا، والذي يدخل بالمراحل الأولية للدباغة لإزالة الشعر من جلود الأبقار، وإزالة الصوف".
وأكد أن "استيراد الجلود نصف المصنعة توفر نسبة 50 بالمئة من الماء، ونكون بذلك قد تخلصنا من المرحلة الملوثة للبيئة، كما نستطيع توفير سبع مواد من المواد المستوردة بهذه المرحلة، و30 في المئة نسبة تلف من الجلود المستوردة بمرحلة الخام."
وطالب بتوزيع عقود مؤسسة معامل الدفاع والمؤسسة العامة للأحذية على الدباغين عن طريق الجمعية البالغة ستة ملايين إلى ثمانية ملايين قدم سنوياً، وهذا هو الحل الإسعافي لتشغيل معامل الدباغة.
في ذات السياق أشار رئيس جمعية الأحذية "نضال السحيل" إلى معاناة الحرفيين في صناعة المنتجات الجلدية "الأحذية والحقائب وتوابعها" من صعوبة تأمين مصادر الطاقة من كهرباء وغاز ومشتقات نفطية، حيث تتعطّل أعمالهم وعمالهم بشكل يومي بسبب التقنين المستمر وغير المنتظم، إضافة إلى الارتفاع المستمر وغير المبرّر للمواد الأولية الداخلة في هذه الحرفة.
وتابع: "يعاني الحرفيون من ضعف الأسواق وكساد البضائع بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن وعدم تناسب الأجور والرواتب مع موجة الغلاء والتضخم المستمرة والتي أرخت بظلالها على كل شيء".
وأكد أن "كميات التصدير لا تزال بأرقام خجولة ولا ترقى إلى حجم الإنتاج وجودة المنتج السوري وخاصة "الحرفي" منه والذي لديه شهرة عالمية.
وأوضح أن "من أهم مطالب الحرفيين تزويدهم بالمشتقات النفطية والغاز لزوم العملية الإنتاجية قدر المستطاع ووفق الحاجة الحقيقية لهم، وأن يعود لاتحاد الحرفيين دوره المهم في رعاية الحرفيين من خلال تأمين المواد الأولية الأساسية وتوزيعها على الحرفيين بأسعار مقبولة وغير ربحية دعماً للعملية الإنتاجية كما كان معمولاً به سابقاً، بالإضافة إلى إقامة معارض خارجية برعاية وزارة الاقتصاد لتسويق منتجات الحرفيين".
وأشار إلى أن "أغلب الحرفيين في كل المحافظات يعانون من عدم وجود مناطق صناعية قريبة من المدن أو على أطرافها، ما يضطرهم لأن يكونوا ضمن الأحياء السكنية وبظروف عمل معقدة وصعبة تعيق عملية الإنتاج وتطور صناعة الأحذية، وبالتالي فإن هناك ضرورة كبيرة لإحداث مناطق صناعية تلبي حاجة الحرفيين".
الصناعيون فقدوا الأمل من وضع البلد والجهات المعنية مهتمة بالجباية فحسب:
في أيلول الماضي كشف الصناعي السوري "مجد ششمان" خلال حديثه لإذاعة "ميلودي"، أن ما يقارب 47 ألف صناعي سوري غادروا مدينتي دمشق وحلب إلى خارج سوريا، لأسباب مرتبطة بالسياسة الاقتصادية الخاطئة في سوريا.
ورغم الأزمات التي يعاني منها الصناعيون دعا مجلس إدارة مدينة "الشيخ نجار" الصناعية في مدينة حلب نهاية العام الفائت، إلى تقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين السوريين للعودة إلى منشآتهم الصناعية، حيث زعم محافظ حلب أنهم اتخذوا "الإجراءات والتسهيلات للمستثمرين، بهدف عودتهم إلى وطنهم والمساهمة في تشغيل عجلة الإنتاج".
لكن الإجراءات المتخذة في هذا الصدد هي عبارة عن تصريحات فحسب، والدور الحقيقي للمسؤولين والجهات المعنية "مقتصر على الجباية وفرض الضرائب فقط" كما يؤكد مراقبون ومطلعون على الوضع في سوريا.
ويتخوف الأهالي من موجة هجرة جديدة تسرق من السوريين في البلد ما تبقى من الصناعيين والخريجين والخبراء الذين كان يجب استثمارهم لمصلحة الشعب؛ مما يشكل خطرًا كبيرًا أن تتحول البلد إلى مستهلكٍ بحت فلا سبيل للإنتاج أو التطوير أو العلم.