وسط معاناة الأهالي في سوريا من انقطاع الكهرباء المتكرر، وتعطل أشغالهم وحاجاتهم بسبب ذلك، كانت كهرباء الأمبيرات هي المهرب الوحيد من هذه الورطة، ولو على حساب دفع مبالغ مالية طائلة في سبيل ساعات وكميات قليلة من الكهرباء؛ لكن حتى بهذه الشروط الصعبة فإن الأمر يصبح بالتدريج أكثر تعقيدًا.
في هذا الصدد، فقد عادت أسعار كهرباء الأمبيرات إلى الارتفاع مجدداً في مدينة حلب، بينما يرفض أصحاب المولدات الالتزام بالتسعيرة التي كانت قد أقرتها المحافظة مؤخراً، لأسباب متعلقة بشح مادة المازوت وارتفاع سعره في السوق السوداء، ونكث الحكومة لوعودها بتأمين كميات المازوت المدعوم اللازمة لتشغيل تلك المولدات.
التزام خجول لم يدم طويلًا:
بعد أسابيع قليلة من التزام جزئي خجول بالتسعيرة التي أقرتها المحافظة للأمبيرات والبالغة 125 ليرة سورية لساعة التشغيل الواحدة، شهدت مدينة حلب خلال الأسبوعين الماضيين عودة الأسعار إلى الارتفاع، لتتراوح ما بين 140 إلى 175 ليرة بحسب كل منطقة، الأمر الذي أثار استنكار شريحة واسعة من الحلبيين معبرين عن استيائهم من عدم التزام أصحاب المولدات بالتسعيرة المحددة.
وفي حديثٍ لأصحاب المولدات مع موقع "أثر بريس" المحلي تم سؤالهم فيه عن سبب الإصرار على تسعيرات مرتفعة، كانت المفاجأة بأن الشركة الخاصة المسؤولة عن توزيع المازوت المدعوم لهم بسعر 1700 ليرة لليتر، توقفت بشكل كامل عن توزيع مخصصاتهم!
وقد أكدوا أن الالتزام الفعلي في عملية التوزيع لم يتجاوز الدفعتين فقط خلال الشهر الأول من صدور قرار المحافظة، الذي كان ينص على تحديد التسعيرة الجديدة وإلزام أصحاب المولدات بها، في مقابل تأمين كامل مخصصات مولداتهم من المازوت المدعوم.
وأشار أصحاب المولدات خلال حديثهم، إلى أن الشركة وبعد صدور قرار المحافظة، وزعت لهم دفعتين بمعدل كمية واحدة كل عشرة أيام، إلا أنهم فوجئوا خلال ذهابهم للتسجيل على الكميات الجديدة، بتوقف عملية توزيع مخصصاتهم، والذريعة تمثلت في إجراء الشركة للجرد السنوي.
الكلمة الفصل تعود للسوق السوداء مجددًا:
نظراً لعدم استلام مخصصاتهم من المازوت المدعوم، عاد أصحاب المولدات إلى سابق عهدهم، بشراء المازوت واستجراره من السوق السوداء، والتي وصل سعر ليتر المازوت فيها إلى ما بين 3000 و3200 ليرة سورية، أي بما يقارب ضعف سعر المازوت الذي كانت المحافظة وعدت بتأمينه لهم، وفق ما ورد في قرار تحديد التسعيرة.
ارتفاع أسعار المازوت في السوق السوداء، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء المتكرر والطويل، دفع بأصحاب المولدات إلى رفع أسعارهم بشكل متفاوت للتعويض، وباتت كلفة الأمبير الواحد أسبوعياً تصل إلى ما بين 8500 و9500 ليرة بمعدل تشغيل وسطي 9 ساعات يومياً.
ذلك بينما حافظ قلة من أصحاب المولدات على تسعيرة "مقبولة" لا تتجاوز 8000 ليرة، في رقم يقارب التسعيرة المحددة من المحافظة.
وما بين إخلال المعنيين بالتزاماتهم في تأمين المازوت، وسعي أصحاب المولدات للحفاظ على أرباحهم وتعويض ما يدفعونه لتجار السوق السوداء، يبقى المواطن الحلقة الأضعف في "قضية الأمبيرات" التي تستنزف معظم دخله الشهري، باعتبارها العصب الرئيس لكل نواحي الحياة.
ذلك في ظل استمرار التسويف والوعود الحكومية المتأرجحة المتعلقة بتحقيق مبدأ عدالة التوزيع بين المحافظات، وبإعادة تشغيل المحطة الحرارية التي تم تأجيل موعد إقلاعها من نهاية العام الحالي إلى مطلع العام القادم، ومن ثم تأجيله مجدداً إلى شهر آذار القادم.