من الطبيعي أن يكون رجل الأعمال أو العالم أكثر إنتاجيةً في بلدٍ متطور، فالصين والهند على سبيل المثال تصدران خبرات علمية فذة إلى دول مثل الولايات المتحدة، لكن الأمر غير المستساغ أن يكون الموطن الأصلي لهذا الشخص الناجح لا يدعمه ولا يعترف بمواهبه لدرجة أن يجد نفسه مجبرًا على الهجرة كما يحدث في دول عربية عديدة.
قد يعتقد البعض أن الدول العربية فاشلة علميًا وتجاريًا بسبب فشل شعوبها وتخلفهم، لكن في السطور التالية أمثلة عن رجال أعمالٍ حققوا نجاحات مبهرة في بلاد المهجر تنفي هذا الاعتقاد.
1-عدنان وحود... سافر ولم يكن بيده سوى علمه وخبرته:
حينما وصل "عدنان وحود" إلى فيينا عاصمة النمسا في العام 1971، لم يكن بيده أي شيء تقريباً سوى خبرات واسعة جناها من سنوات عمله مع والده في مجال صناعة النسيج على النوال اليدوي في سـوريا. فكان عليه أن يبدأ حيـاة جديدة مختلفة تماماً، وأن يثبت نفسه في هذا العالم المختلف كلياً عما نشأ عليه.
بدأ "وحود" حياته الجديدة ببعض المال، إذ كان يقضى المساء في تعلم اللغـة الألمانية ويقضي الصباح في العمل كموزّع للمواد الدعائية كوظيفة أساسية تسدد احتياجات يومه الأساسية فقط. وعندما تمكّن من إجادة اللغـة الألمانية باشر بدراسة الهندسة الميكانيكية وبيع الجرائد كوظيفة جانبية تضمن له قوت يومه.
واستطاع بالفعل الحصول على درجة البكالوريوس والماجستير ثم درجة الدكتوراه التي أهلته لكي يصبح خبيراً ذا شأن وشهرة في مجال صناعة آلات النسيج وتطويرها في ألمانيا وأوروبا، ومن أهم رواد الأعمال العرب في المهجر.
تقاعد "وحود" في عام 2011 متفرغاً لإنجاز بعض الأعمال التطوعية في بلده الأم سوريا، حيث أسس مركزاً طبياً في ريف حلب، توسّع لاحقاً ليفتتح ستة فروع إضافية.
2- عماد سلام... من هندسة الطيران إلى تجارة العقارات:
سافـر "عماد سلام" في أواخر السبعينات إلى بريطانيا لدراسة هندسة الطيران هناك، وبعد فتـرة وأثناء قضاءه لفتـرة الدراسة اندلعت الحرب العراقية الإيرانية التي استمرّت 8 سنوات كاملة، فطلبت منه أمه أن يكمل حياته في بريطانيا وألا يعود إلى العراق مرة أخرى، على الاقل في تلك الفترة.
استمـر "سلام" في بريطانيا بطلب من والدته فحصل على عمل في المركز الإسلامي بمانشستر براتب بسيط، وهو الأمر الذي دفعه إلى البدء في بيع اللحوم عند باب المسجد لزيادة أرباحه، ثم طوّر عمله بشراكة مع صديق آخر يتولى بيع المواد التموينية، بينما يتولى هو ذبح الخراف وبيعها.
في تلك الفتـرة، لاحظ أن القائمين على المركز لديهم عقارات يهدفون إلى زيادتها والمحافظة على أوقافهم، وهو ما جعله ينغمس بدوره في هذا المجال حيث استطاع أن يحقق إنجازات أدهشته هو شخصياً في مجال العمل الحر والتجارة والتسويق العقاري، جعلته يتأكد بعد عامين أن العمل الحر هو طريقه في الحياة وليس الوظيفة على الإطلاق.
وهكذا منذ عام 1986 بدأ "عماد السلام" مسيرته كمطوّر عقاري ورجل أعمال حيث بدأ بشراء عمارة وانطلق منها إلى بناء مجمعات سكنية ضخمة نالت جوائزاً رفيعة في تصاميمها المعمـارية والخدمات التي تقدمها للمتملّكين، ووصل عدد الشقق التي بناها إلى أكثر من ستة آلاف، وقام بتأسيس منظومة كبيرة شملت تطوير العقارات داخليًا والتوسط في بيعها، حتى أصبح من أكبر رواد الأعمال العرب في هذا المجال في بريطانيا.
صحيح أنه تعرّض للمخاطر في مسيرته المهنية عندما اندلعت أزمة الرهن العقاري عام 2008، التي تلاها فترة من الكساد والأزمات، إلا أنه في تلك الفترة تحديداً استطاع أن يحصد أكبر وأفضل عقوده ومشاريعه.
وإلى جانب مشاريع التطوير العقاري يولي العراقي "عماد السلام" اهتماماً بالعمل الخيري خصوصاً المدارس، حيث أسس حتى الآن ثماني مدارس تضم أكثر من ألفي طالب.
3-منجد المدرس .. اللاجئ البروفسور:
وصل أستاذ جراحات العظام والريادي في مجال الاطراف الصناعية إلى أستراليا على ظهـر قارب لصيد الأسماك يعج باللاجئين البؤساء الذين عبروا المحيط في محاولة للوصول إلى البر الأسترالي في عام 2000.
عندما وصل قارب الصيد الذي يعج باللاجئين غير الشرعيين – ومن بينهم منجد المدرس – وضعتهم السلطات الأسترالية في مأوى أشبه بالمعتقل، إذ قامت منظمات حقوق الانسان لاحقاً بتصنيفه كأسوأ معتقل من بين معتقلات اللاجئين حول العالم.
في هذا المعتقل، لم يكن الطبيب "منجد المدرس" يخاطب باسمه، وإنما يخاطب برقمه. وكان اسمه هو الرقم 982 الذي طبع على ذراعه، وبقي رقماً حتى بعد خروجه باحثاً عن عمل.
بدأ حياته المهنية في أستراليا بتنظيف الحمامات، في الوقت الذي كان يعادل فيه شهادته الأكاديمية في الطب. وبعد 8 سنوات فقط من بداية تنظيفه للحمامات في أستراليا، أصبح بروفسوراً في جراحة العظام...!
أما اليوم، فأصبح "المدرس" من أشهر رواد الأعمال العرب المتخصصين طبياً في مجال تقنية الأطراف الصناعية الذكية والتي تكون مرتبطة بالأعصاب والعضلات مع الروبوت الذي يتحرك فوراً مع تفكيـر الشخص بأداء الحركة، مما يجعل الأشخاص مبتوري الأطراف يصلون إلى أكثر درجة تمكّنهم من العيش بشكل طبيعي، بدلاً من استخدام الأطراف الصناعية التقليدية.
4- جميل الحكيمي... من مجند إلى صاحب شركة أبحاث:
مجموعة شركات GL Chemtec هي مجموعة شركات شهيرة في كندا متخصصة في الأبحاث المتعلقة بالكيمياء وتطبيقاتها. يرأس المجموعة الكيمائي الكندي اليمني الدكتور "جميل الحكيمي".
بعد أن انتهى من دراسته الأساسية في اليمن تم تجنيده إجبارياً في أحد معسكرات جنود الأمن المركزي في العاصمة اليمنية صنعاء، ثم بعد ذلك حصل على موافقة لإكمال دراسته في ألمانيا التي بدأ فيها أولى خطواته الأكاديمية.
استطـاع "الحكيمي" خلال فتـرة دراسة الماجستير أن يخرج بأربعة براءات اختراع، ثم عمل على دراسة الدكتوراه مباشرة التي حصل فيها على أعلى درجة ممكنة وبشهادة تقدير لا يحصل عليها سوى 5 % فقط من طلبة الدكتوراه.
وبعد طريقٍ طويل من الصبر والإصرار، قرر افتتاح شركة ناشئة متخصصة في مجال البحوث الكيميائية وتطبيقاتها، في الوقت الذي يقوم فيه بالتدريس بالجامعة بدوام كامل. واستطاعت شركته تحقيق مستوى عالٍ من الكفاءة والمصداقية والابتكارات المدهشة، فضـلاً عن توفيرها بيئة عمل إبداعية، لتتحول إلى شركة مشهـود لها بالكفاءة في السوق الكندي، ونموذج لإنجازات واحد من رواد الأعمال العرب.
5-عدنان مجلي... الفلسطيني الذي دمج بين العلم وريادة الأعمال:
ولد "عدنان مجلي" طفلاً بين تسعة أخوة وأخوات لوالد يعمل مزارعاً لم يكن في همّه شيء سوى أن يعلم أبناءه تعليماً جيداً مهما كلّفه الأمر. فأثبتت الأيام نجـاح الأب في ذلك بامتياز، حيث أصبح ولده "عدنان" واحداً من أبرز الشخصيات العربية العالمية التي تجمع ما بين التخصص الأكاديمي العلمي والبراعة في عالم ريادة الأعمال.
بعد تلقيه للتعليم الجامعي، انطلق "مجلي" إلى جامعة "سالفـورد" في مدينة مانشيستـر البريطانية ليكمل شهادة الماجستير التي أنهاها في زمن قياسي أقل بكثير مما حددته الجامعة، ثم أتبعها بدراسة الدكتوراه في جامعة "أكستـر" البريطانية في تخصص” تصلب الشرايين” وتصنيع الأدوية المختلفة التي تمنع الجلطات.
في عام 1989، وبعد أن أنهى درجة الدكتوراه، فكّـر في العودة إلى بلاده ليعمل في مجال البحث العلمي خصوصاً في الأردن وفلسطين، إلا أن ذلك لم يكن ممكناً لأنه فوجئ أنه سيتورط بأداء خدمة العسكـرية لمدة سنتين في الأردن، ففضّـل الرحيل إلى أميـركا التي كان قد جاءه من جامعاتها عروض أكاديمية متعددة، أهمها من جامعة روتشستر في نيويورك التي اختارها مفضـلاً إياها عن جامعتي هارفارد وديـوك.
كان انتقال البروفسور عدنان المجلي إلى أميركا بداية مرحلة مذهلة من الإنجازات، حيث لمع اسمه كواحد من أشهر رواد الأعمال العرب في الأبحاث الطبية والدوائية مسجلاً أكثر من 800 براءة اختراع، كما استطـاع أن يحوّل اختراعاته إلى شركة دوائية وطبية قدّم من خلالها مجموعة كبيرة من الإنجازات.
من بين هذه الإنجازات هو قدرته على تطوير روبوت يعمل على تسريع مراحل استكشاف وتطوير الأدوية المختلفة، حيث يقوم بإنجاز 90 % من المهام التي يقوم بها العلماء البحثيين، مخفّضاً عدد فريق العلمـاء المطلوب في بحث علاج جديد من 60 عالماً إلى ستة علماء فقط.
مع كل هذه الإنجازات مازال "المجلي" يتواصل مع أهله في كل من فلسطين والاردن مطلقاً برامجاً متعددة للمنح الدراسية وتكريمات الطلاب المتفوقين، ومساهماً في تأسيس المؤسسات البحثية والدراسية من بينها جامعـة أميـركية فلسطينية.
نحن العرب ككل في الوطن العربي صدرنا العلم والأبحاث للغرب وبناء” على ذلك ترعرع الغرب بعلومنا القديمة بكل الأبحاث دون استثناء والغرب أيضاً استفاد كثيراً من القرآن الكريم وتفسيراته ونحن العد التنازلي في مجال العلم بدأ يتلاشى شيئاً فشيئا” بسبب تفرقة وتمزيق الوطن العربي إلى دويلات ونصيب عميل في كل دولة عربية يأتمر بأمر الغرب وخصوصاً بعد ما تم إنشاء الكيان الصهيوني على أرض دولة فلسطين واحتلالها العملاء بباقي الدول العربية لا هم لهم سوى بقاءهم بالحكم الإستبدادي لأطول مدة ممكنة بالأصح مدى الحياة وتوريث الحكم لأبنائهم وذرياتهم من بعدهم والشعوب تلاشت آمالهم لأنه لعدم توفر الحافذ المشجع على العلم… قراءة المزيد ..