لو قال زيدٌ من الناس إن راتبه يذهب في تشعبات الحياة من مصاريف وحاجيات - قبل أن يرقد في جيبه طويلا- دون أن يفهم كيف ذهب، سيوافق الكثير منا على كلامه معلقًا بلا تردد: "وأنا كذلك".
وفعلا فإن كثير من الناس تصرف دون تخطيط أولي ودون حساب فلا ترى إلا وقد فاجأها الصفر المروع في حسابها.
في الواقع، هذه الظاهرة لا تقتصر على أصحاب الدخل القليل بل تنطبق على كل من يصرف دون تخطيط؛ سواء كان راتبه ألفان أم عشرة.
إذن ماذا نفعل لضمان الإنفاق بشكل صحي؟
أولا: وعيك بأهمية المسألة هذه هو أول خطوة نحو الأمام.
ثانيا: بعد أن عرفت أهمية الأمر، اعرف الأخطاء التي قد تقضي على راتبك كما تحدثنا في مقالة (هل يمكن للإنسان أن يحكم على نفسه بالفقر مدى الحياة؟)
ثالثا: التخطيط المسبق هو رأس الخيط؛ فعليك أن تجلس وتحسب مصاريفك وتقسمها كالتالي مثلا:
- مصاريف أساسية ثابتة: كآجار البيت والفواتير والأقساط إن وجدت، ونحو ذلك.
مصاريف أساسية غير ثابتة: كالطعام والمواصلات وما شابه. - مصاريف ترفيهية أو كمالية: ويدخل فيها ما تشتريه من الحلوى والهدايا والأكل في المطاعم والسفريات والتنزهات والإلكترونيات غير الضرورية وما حذا حذوها.
- استثمار: فكما ترى يفضل أن تقتطع جزءا من راتبك إن كان هناك متسع للاستثمار كشراء ذهب أو وضع سهم في عمل أو كما شاع الآن شراء بعض العملات الرقمية.
- استثمار أخروي: كما قسمنا ووضعنا حظ أنفسنا من الدنيا فكذلك ما أجمل أن نضع قسما ثابتا لله والمسلمين ألا وهو الصدقة. هذا الاستثمار الوحيد الذي تضمن أنك لن تخسر فيه.
الخطوة التالية... القاعدة الذهبية في تقسيم المصروف:
تقترح القاعدة الشهيرة "50 – 30 – 20" لتقسيم الراتب أن تخصص:
- 50 بالمئة من مالك للنفقات الأساسية.
- 30 بالمئة من مالك للكماليات والحاجات غير الملحة.
- 20 بالمئة من مالك في الاستثمار.
ونقترح نحن أن تعدل النسبة ليكون هناك احتياطي الطوارئ وبنفس الوقت يكون صندوق ادخارك لو لم يحصل طارئ، بنسبة عشرة بالمئة مثلا.
لكننا نرى أن هذه القاعدة لا تصلح لكل شخص فالبعض قد تستغرق النفقات الأساسية 90 بالمئة من راتبه، لذلك نقترح أن تحسب النفقات الأساسية ثم تضع ميزانية محددة لكل من الكماليات والاستثمار وصندوق الطوارئ.
ثم بعد أن قسمت هذه الأقسام عليك أن تقتطع هذا المال إما فعليا عن طريق وضعك المبلغ المحدد في ظرف مكتوب عليه الكماليات مثلا وآخر الأساسيات وهكذا أو عن طريق تقسيمها الكترونيا.
وقد يفيدك تنزيل أحد تطبيقات المصاريف الذي يساعدك على تتبع ما صرفت بدقة إن أدخلت كل مصروف تنفقه، ويظهر لك كم تبقى من الميزانية التي وضعتها.
إليك تطبيقا مقترحا للاندرويد: المحفظة
ولعل أفضل خاتمةٍ لكلامنا عن هذا الموضوع تتلخص في قول الشاعر:
"والنفس راغبة إن رغبّتها
وإذا ترد إلى قليل تقنع"