أدى الارتفاع الأخير في أسعار السلع الأساسية، إلى إثارة مخاوف المسؤولين الصينيين بشأن التضخم المحلي واستقرار السوق، وقد تجلى هذا القلق بإجراءات مختلفة اتخذتها بكين، في أكثر من مجال، وبشكل متلاحق.
وقد حذرت لجنة تنظيم البنوك الصينية من الاستثمارات في السلع الاستهلاكية عالية الجودة مثل بعض أنواع الشاي والمأكولات والسلع الفاخرة، مضيفة أنها تهدف إلى السيطرة على "التوسع غير المنضبط لرأس المال".
وأشارت اللجنة في بيانها، إلى أن البنوك يجب أن تعطي الأولوية للموافقات على القروض لعمال مناجم الفحم المؤهلين، ومقدمي طاقة الفحم والتدفئة الشتوية، مقابل التركيز على إقراض المشتغلين بمجال الفحم، تم التنويه إلى ضرورة حظر استخدام القروض المصرفية والتمويلات بشكل صارم في المضاربة على سلع مثل الفحم والصلب والمعادن في الأسواق المالية.
ويرجع نقص الطاقة في الصين – الذي هو أساس المشكلة - إلى تباطؤ إنتاج الفحم، حيث يكافح بعض عمال مناجم الفحم لتأمين التمويل بعد أن حددت الصين أهدافًا لخفض استخدام الفحم في إنتاج الطاقة، خصوصا أن هذه الأزمة تأتي بعد سنوات من المشاكل في قطاع تعدين الفحم المحلي، مثل انخفاض التعدين وإغلاق المناجم وحملات مكافحة الفساد.
كما تم فرض تقنين الكهرباء في أكثر من نصف مقاطعات الصين، حيث تتسابق الحكومات المحلية لتحقيق أهداف بكين لانبعاثات الكربون لهذا العام.
وبينما لا تزال الصين أكبر منتج للفحم في العالم، فرضت الحكومة المركزية قيودًا على إنتاج الفحم المحلي وعززت الواردات.
ثم أدى النقص في إمدادات الفحم العالمية إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وساهم كذلك في أزمة الكهرباء التي أضرت بالأعمال التجارية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
كل ذلك تطلب من بكين التوجه لتأمين حاجاتها من تلك السلعة، من بلدان مثل موزامبيق - جنوب افريقيا- كازاخستان - كولومبيا وميانمار.
وذلك بعد أن كانت كولومبيا على مر التاريخ، مجرد خيار احتياطي لاحتياجات الصين من الفحم، ولكن ابتداءً من يونيو/ حزيران 2021 وصلت الواردات الشهرية من الفحم الكولومبي إلى أعلى مستوياتها المسجلة.
ورغم الحظر الذي وضعته الصين على تجارة الفحم من جنوب أفريقيا، التي كانت نشطة قبل 10 سنوات، بسبب أنه يحتوي على عناصر ضئيلة مثل الفلور، إلا أنه تم إحياء تجارة الفحم الحراري من بداية العام.
حتى الآن لا يحل محل الفحم أي مصدر آخر بالنسبة للصين:
على الرغم من قيام الصين، باستثمارات كبيرة في مصادر الطاقة البديلة، مثل الطاقة الشمسية والطاقة المائية، لا يزال الفحم هو المصدر المهيمن، حيث يمثل 68.5% من إمدادات الطاقة في البلاد في عام 2020، وفقًا لـ BNP Paribas.
في إطار متصل، تُجبر بعض القوى الصناعية، في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، المصانع على خفض الإنتاج، مما يشكل خطرًا على نمو الناتج المحلي الإجمالي وسلاسل التوريد العالمية.
على الرغم من جهود الحكومة المركزية لتكثيف الإصلاحات في السنوات الأخيرة، لم يتم بعد تشكيل آلية تسعير قائمة على السوق في قطاع الطاقة بشكل كامل.
وتتوقع شركة Standard & Poor's أن يؤدي نقص الطاقة، إلى تقييد إمدادات الألمنيوم المحلية وبالتالي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار، لأن إنتاج الألمنيوم الأولي يستهلك الكثير من الطاقة.
يذكر بأنه قد اجتاح تقنين الكهرباء عشرات المقاطعات الإقليمية، إلى الحد أن بعض المصانع اقتصرت على يومي عمل في الأسبوع، في بعض المدن، طالت أزمة التقنين إشارات المرور.
وبهذا الخصوص باتت المصانع تلجأ الى الاعتماد على المولدات التي تعمل بالديزل، لتوليد حاجتها من الكهرباء، وبالتالي هذا يعني زيادة في الطلب على المشتقات النفطية، دون إغفال الآثار الضارة بالبيئة التي كانت تفتخر بكين بتفاديها.