سجلت أسعار العقارات في تركيا أعلى معدل ارتفاع سنوي بين دول العالم خلال العام المنتهي في الربع الثاني من 2021، ولكن معدل نمو الأسعار بها يشهد تباطؤًا، وذلك وفقًا لتقرير شركة الاستشارات العقارية "نايت فرانك".
ويعتمد التقرير على مؤشر أسعار المنازل العالمية الذي يتتبع حركة أسعار العقارات السكنية عبر 55 دولة ومنطقة حول العالم.
وبالرغم من أن تركيا الأكثر تأثرًا، إلا أن التضخم في أسعار العقارات شمل العالم أجمع تقريبًا. بينما شهدت دولتان فقط تراجعًا في الأسعار هما الهند وإسبانيا، إلا أن هذا أقل عدد من الأسواق التي تسجل تراجعًا في الأسعار منذ بدء مؤشر أسعار المنازل العالمي في عام 2008.
وكانت المغرب هي الدولة العربية الوحيدة التي شملها الترتيب، إذ احتلت المرتبة التاسعة والأربعين على مستوى العالم بنسبة ارتفاع في الأسعار بلغت 1.2%.
ما الذي يحدث في تركيا؟
كان من المتوقع أساسًا، بحسب التقارير الصادرة عن مؤسسة "TURKSTAT" التركية أن يلقى القطاع العقاري إقبالاً شديداً عند انتهاء كوزونا في تركيا، وهذا أحد الأسباب التي ستؤدي إلى رفع أسعار العقارات في المجمعات السكنية والأبنية العادية على حد سواء.
خاصة وأن الشركات الإنشائية استمرت طوال أشهر الأزمة بتقديم تخفيضات كبيرة تصل إلى 30% من قيمة العقار عند الشراء عن بعد، وذلك بهدف تشجيع المستثمرين وتنشيط الحركة الراكدة حينها، وقد حان وقت تعويض أضرار الركود حاليًا.
التضخم الحاصل في أسعار العقارات جاء تزامناً مع تواصل حركة مشاريع عمرانية عملاقة ومتسارعة في إسطنبول وأطرافها، لكن تركيز الطلب على مناطق بعينها أكثر من غيرها رفع من قيمة الأسعار إلى حدود تجاوزت الضعف في كثير من الحالات، ناهيك عن السرعة الكبيرة في تأجير ما يتوفر من مساكن للباحثين عن الشقق.
وبحسب خبراء الاستثمار العقاري الأتراك فإن العديد من مناطق إسطنبول مثل منطقة "باشاك شهير" شهدت ارتفاعا لافتا في خاصية جذب المواطنين الأتراك والأجانب على حدٍ سواء للسكن والاستقرار، الأمر الذي ضاعف عدد سكانها بشكل كبير خلال فترة زمنية قصيرة.
وفي معرض تعليقه على الأمر، قال خبير الاستثمار العقاري والمستشار في شركة "امتلاك" العقارية المهندس "عبد الله أداك"، إن الحفاظ على التوازن بين زيادة الطلب على الإيجار وتوفر الشقق السكنية الجديدة هو الضامن الأساسي لاستقرار الأسعار، موضحا أن السبب الرئيسي في قلة عرض الإيجار السكني يكمن في ارتفاع نسبة فوائد القروض المصرفية، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت."
وأوضح "أداك" أن نسبة بيع العقارات للمواطنين الأتراك تبلغ نحو 98% من تجارة العقارات وأن ما نسبته 85% من هؤلاء يقومون بالشراء بالاعتماد على القروض المصرفية، وقد دفع ارتفاع نسبة الفوائد بكثير منهم إلى إرجاء فكرة الشراء العقاري أو تأجيلها خشية من تراكم الديون عليهم للمصارف والمؤسسات المقرضة.
وعلى الجانب الآخر، يوضح "أداك" أن الشركات الإنشائية وشركات المقاولات التركية التي تحتاج إلى تأمين سيولة مالية كبيرة لدوام أنشطتها تعمد إلى تأمين قسم من مصاريفها التشغيلية من خلال القروض المصرفية، مبينا أن ارتفاع أسعار المواد الإنشائية وأجور العمال بسبب الجائجة وعرقلة الحركة التجارية سببت ارتفاعا واضحا في أسعار العقارات الجديدة والتي هي قيد الانشاء على السواء، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الطاقة الإنتاجية للقطاع الإنشائي، ورفع الطلب على الإيجار على حساب التملك في السوق العقاري بشكل واضح في الأشهر الأخيرة.
كما يتوقع أن تسهم عودة الحركة التعليمية لوضعها الطبيعي في الأشهر المقبلة في زيادة الضغط على السوق العقاري وخاصة في إسطنبول نتيجة للطلب الإضافي على شقق الإيجار السكني.