أبلغ الرئيس الصيني "شي جين بينغ" المواطنين الصينيين الأكثر ثراءً يوم الثلاثاء، عن مخططه الجديد تحت عنوان "الرخاء المشترك" الذي يشمل تنظيم الدخل وإعادة التوزيع الثروة، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الحكومية.
وعرف عن "شي بينغ" منذ أن تولى منصبه في عام 2012، خطابه المتكرر حول أهداف يرى أنها أساسية لتعزيز الرفاهية وتقوية حكمه، كالقضاء على الفقر وبناء "مجتمع مزدهر باعتدال".
يأتي ذلك فيما يتسع تفاوت الدخل في الصين، حيث يكسب أغنى 20% أكثر من 10 أضعاف أفقر 20%، وهو الأمر الذي لم يتغير منذ عام 2015، وفقاً لما ذكرته "بلومبرغ".
وبالتوازي مع جهود بكين الكبيرة للحد من الفقر، خاصةً في المناطق الريفية، بتنا نشاهد في الآونة الأخيرة، ممارسات صينية وصفها البعض بالـ "غريبة" تستهدف الطرف الأعلى من الدخل، وتمثل ذلك في حملات على صناعة التكنلوجيا والمليارديرات الذين يسيطرون عليها.
وفي اجتماع يوم الثلاثاء للجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية بالحزب الشيوعي، قامت الحكومة بتفصيل استراتيجيات جديدة لاستهداف المستويات العليا. وتعهد المسؤولون بـ "تعزيز تنظيم وتعديل الدخل المرتفع، وحماية الدخل القانوني، وتعديل الدخل المفرط بشكل معقول، وتشجيع الفئات والشركات ذات الدخل المرتفع على رد الجميل للمجتمع أكثر"، وفقاً لملخص الاجتماع الذي نشرته وكالة أنباء شينخوا الرسمية.
في الوقت نفسه، تعهد المسؤولون أيضاً بتوسيع حجم مجموعة الدخل المتوسط، وزيادة الإيرادات للفئات ذات الدخل المنخفض، وحظر الدخل غير المشروع لتعزيز العدالة الاجتماعية. كما قد تمت إعادة التأكيد على كلمات الزعيم الصيني السابق "دنغ شياو بينغ" الشهيرة، "للسماح لبعض الناس بالثراء أولاً"، مطمئنين أنه سيتم إنشاء بيئة حيث تتاح الفرصة لمزيد من الناس ليصبحوا أثرياء.
لكن الأمر وفقًا للسياسة الصينية الجديدة يبدو لبعض المراقبين وكأنه "يتم النظر للأثرياء كمواشي يتم تسمينها من أجل إطعامها للحكومة والشعب لاحقًا"، وهذا جزء من وجهة نظر النظام الاجتماعي الذي تتبناه الصين.
ضرائب الممتلكات والميراث:
يرى خبراء اقتصاديون أن هذه التحركات تشير إلى أن الصين ربما تقترب أكثر من فرض ضرائب على الممتلكات والميراث.
من جانبه، قال "لاري هو" رئيس اقتصاديات الصين الكبرى في Macquarie Group في هونغ كونغ: "تفاقم التفاوت في الثروة والدخل في الصين إلى هذا المستوى الخطير لدرجة أن صانعي السياسة ليس لديهم خيار سوى مواجهته وجعل معالجته أولوية". وقال إن اجتماع شي "رفع القضية إلى أعلى مستوى وهو إشارة مهمة لاتجاه السياسة في المستقبل".
الجدير بالذكر أنه في "اجتماع شي"، تعهد المسؤولون بتوفير الظروف للناس لتعزيز تعليمهم والارتقاء في سلم الدخل. ودعوا أيضًا إلى تعزيز المساواة في الحصول على الخدمات العامة من خلال تحسين المعروض من المساكن ورعاية المسنين والنظام الطبي.
كما سلط الاجتماع الضوء على الحاجة للحد من المخاطر المالية. وقالت شينخوا إنه يتعين بذل الجهود لتحقيق توازن بين ضمان النمو الاقتصادي المستقر ومنع المخاطر المالية.
تجربة تشجيانغ:
كانت الحكومة الصينية قد حددت مقاطعة تشجيانغ الشرقية، موطن مجموعة علي بابا القابضة المحدودة والمعروفة بقطاعها الخاص القوي، كمنطقة تجريبية للمبادرات الجديدة.
في الشهر الماضي، أصدرت تشجيانغ خططاً مفصلة لزيادة الدخل المتاح للفرد إلى 75000 يوان (11563 دولاراً أميركياً) بحلول عام 2025، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 45% في غضون خمس سنوات. كما تريد أن تشكل الأجور أكثر من نصف ناتجها المحلي الإجمالي، وأن ترفع معدل التحضر إلى 75%.
هذا ولا يتفق العديد من الخبراء مع السياسة الصينية في موضوع توزيع الدخل ومحاربة الأثرياء، معتبرين أن الدول الرأسمالية تربعت على عرش العالم الاقتصادي وتطورت بأسلوب معاكس تمامًا لما تفعله الصين، ومشككين بجدوى هذه المشاريع ليصفوها بأنها "آمال الشيوعية القديمة المتجددة".