يجري نهر بارانا شاقًا طريقه عبر آلاف الأميال من الغابات المطيرة في أميركا الجنوبية وبامباس ومزارع فول الصويا والذرة مترامية الأطراف، وهو الطريق الرئيسي للتجارة الأرجنتينية. حيث يتدفق حوالي 80% من صادرات المحاصيل في البلاد عبر مياهها الموحلة في طريقها إلى المحيط الأطلسي.
وقد انخفضت مستويات النهر إلى أدنى مستوياتها منذ الأربعينيات - نتيجة سنوات من الجفاف الشديد الذي يعزوه العلماء إلى تغير المناخ – مما تسبب بتعميق الضغوط على الاقتصاد الذي كان يكافح بالفعل للتعافي من الانهيار الوبائي.
ومع تنامي مخاطر جفاف النهر وجد تجار الحبوب أنفسهم فجأة مجبرين على تقليص مقدار حمولات سفن الشحن، خائفين من أن يعلقوا في النهر الضحل، ثم يزيدون حمولتهم بمجرد وصولهم إلى الموانئ البحرية العميقة أو التعاقد مع المزيد من السفن.
والخياران كلاهما مكلفان ويستغرقان وقتاً طويلاً وقد أعاقا الصناعة التي تجني أكثر من 20 مليار دولار سنوياً من الصادرات.
ووصف رئيس اتحاد Ciara-Cec، جوستافو إيديجوراس، وهي مجموعة تصدير ومعالجة المحاصيل يضم أعضاؤها شركة Cargill Inc وGlencore Plc، بأنها "حالة طوارئ" من المحتمل أن تستمر حتى نهاية العام.
ما تأثير ذلك على العالم ككل؟
النكسات التي تواجه الصادرات الأرجنتينية لها آثار سلبية على العالم أجمع، حيث تعد الأرجنتين هي قوة إنتاج البذور الزيتية والحبوب، والشاحن رقم 1 في العالم لطحين فول الصويا لتغذية الماشية وزيت فول الصويا للطهي والوقود الحيوي، كما أنها ثالث أكبر مصدر للذرة.
وأي نقص في هذه المواد الأساسية والهامة سيستوجب تعويضه من مصادر أخرى، مما سيضع البشر أمام صعوبات عديدة تبدأ بارتفاع محتم في نسب التضخم، ولا تنتهي بأزمات على مواد أولية هامة في الصناعات الغذائية.
ما المشاكل التي يواجهها النهر؟
بناء السدود وغيرها من العوائق المصطنعة على طول نهر بارانا تسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها على النظم الإيكولوجية للنهر، أثناء بناء سد إيتايب الكهرومائي (أحد أكبر مشاريع الطاقة الكهرومائية في العالم) في عام 1979 في بارانا، غرقت شلالات غويرا بالكامل في عملية إنشاء السد.
كما أثرت هذه السدود والمجاري المائية على النباتات والحيوانات المحلية، لأنها عرّضت طرق هجرة الأسماك للخطر، بل ونزح الآلاف من السكان المحليين من منازلهم.
وقد ساهمت إزالة الغابات في تآكل الأرض، مما أدى بدوره إلى إثقال النهر بكميات هائلة من الرواسب والركام المتآكل، وإعاقة نوعية الموارد المائية في بارانا.
نتيجةً لذلك تم فقدان حوالي 88٪ من المساحة الأصلية للغابة الأطلسية حول نهر بارانا، مما يعرض الكثير من النباتات والحيوانات المحلية للخطر.
وجاء في تقرير علمي أن ما يقرب من 50 ٪ من أنواع الأسماك في بارانا قد تم تدميرها على مدار 20 عامًا فقط.