وافقت الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي على أكبر ضخ للموارد في تاريخ الصندوق، بقيمة 650 مليار دولار، وذلك بهدف مساعدة البلدان على التعامل مع الديون المتزايدة وتداعيات الجائجة.
حقنة ستساعد في شفاء الاقتصاد:
يعد تخصيص الأصول الاحتياطية - المعروفة باسم حقوق السحب الخاصة - الأول منذ إصدار 250 مليار دولار بعد الأزمة المالية العالمية مباشرة في عام 2009، حيث وصفتها المديرة العامة للصندوق "كريستالينا جورجيفا" بأنها "حقنة في الذراع للعالم ستساعد في تعزيز استقرار الاقتصاد العالمي".
وقال صندوق النقد الدولي في بيان يوم أمس الاثنين، إن تخصيص حقوق السحب الخاصة سيكون ساري المفعول في 23 أغسطس/ آب الجاري.
ويرى أصحاب القرار في الصندوق بأن تخصيص حقوق السحب الخاصة سيفيد جميع الأعضاء، ويعالج الحاجة العالمية طويلة الأجل للاحتياطيات، ويبني الثقة، ويعزز مرونة واستقرار الاقتصاد العالمي، إذ سيساعد بشكل خاص البلدان الأكثر ضعفاً التي تكافح للتعامل مع تأثيرات أزمة كوفيذ-19.
الولايات المتحدة تغير موقفها:
شكلت الخطة المالية المقرة حديثًا، محل نقاشٍ وصراعات بين "حراس الاقتصاد العالمي" لأكثر من عام، وتم تأجيلها في البداية عندما رفضتها الولايات المتحدة - أكبر مساهم في صندوق النقد الدولي - في أوائل عام 2020.
وقال حينها "ستيفن منوتشين" وزير الخزانة في عهد الرئيس ترامب، إن الأموال لن تصل إلى الدول التي هي في أمس الحاجة إليها. ووصفها النائب الجمهوري فرينش هيل بأنها "هبة للدول الغنية والأنظمة المارقة مثل الصين وروسيا وإيران".
تغير موقف الولايات المتحدة في عهد الرئيس بايدن مع قدوم وزير الخزانة الجديد "جانيت يلين"، ومع استكشاف الصندوق للخيارات المتاحة للأعضاء ذوي المراكز المالية القوية لإعادة تخصيص الاحتياطيات لدعم البلدان الضعيفة وذات الدخل المنخفض.
مع ذلك، كان التخصيص العالمي البالغ 650 مليار دولار تقريبًا هو الحد الأقصى الذي يمكن أن تدعمه الولايات المتحدة دون الحاجة إلى الحصول على موافقة من الكونغرس.
توزيع الحصص... البلدان المتقدمة تأخذ الجزء الأكبر من الكعكة:
سيتم تخصيص الاحتياطيات لجميع أعضاء صندوق النقد الدولي البالغ عددهم 190 عضواً، بما يتناسب مع حصتهم، على أن بذهب حوالي 70% إلى أكبر مجموعة من الاقتصادات العشرين، فيما سيخصص 3% فقط للدول منخفضة الدخل، وفق أرقام "بلومبرغ".
بشكل عام، تذهب 58% من حقوق السحب الخاصة الجديدة إلى الاقتصادات المتقدمة، و42% للاقتصادات الناشئة والنامية. لذلك من بين 650 مليار دولار، سيذهب 21 مليار دولار إلى البلدان منخفضة الدخل و212 مليار دولار للأسواق الناشئة والبلدان النامية الأخرى، دون احتساب الصين، وفقًا لحسابات وزارة الخزانة الأميركية.
وأقرت مجموعة الاقتصادات السبعة المتقدمة في يونيو/ حزيران، خطة لإعادة تخصيص 100 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة الجديدة للبلدان الأفقر، لكن مجموعة العشرين في يوليو/ تموز حددت فقط تخصيصاً عاماً قدره 650 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة، دون تفصيل المبلغ الذي ستتم إعادة إقراضه.
ستكون إعادة التخصيص ضرورية لمساعدة البلدان في إفريقيا، التي لم يخصص لها سوى 33 مليار دولار لإصدار حقوق السحب الخاصة. وقد التزمت فرنسا بإعادة تخصيص جزء من حقوق السحب الخاصة بها لبلدان القارة.
هذا وقد قال رئيس جنوب إفريقيا "سيريل رامافوزا" في وقتٍ سابق إنه من إجمالي المخصصات، يجب توفير حوالي الربع - أي ما يعادل حوالي 162 مليار دولار - للدول الإفريقية. ودعا الدول الغنية إلى التبرع بمخصصاتها وليس فقط الإقراض.
يمكن للدول الغنية حاليًا استخدام صندوق النمو والحد من الفقر التابع لصندوق النقد الدولي للمساعدة في توجيه الاحتياطيات إلى البلدان منخفضة الدخل بدون فوائد. ويعمل موظفو الصندوق أيضًا على إنشاء ما يسمى صندوق المرونة والاستقرار لإعادة توجيه الاحتياطيات الجديدة إلى البلدان الضعيفة ذات الدخل المتوسط -المنخفض واقتصادات الجزر الصغيرة، وهو خيار قالت جورجيفا إنها تأمل أن تتم إتاحتها بحلول نهاية العام.
وقالت مديرة صندوق النقد في بيان يوم أمس، إن الصندوق "سيواصل المشاركة بنشاط مع أعضائه لتحديد خيارات قابلة للتطبيق للتوجيه الطوعي لحقوق السحب الخاصة من الدول الأعضاء الأكثر ثراءً إلى الدول الأعضاء الأكثر فقراً والأكثر ضعفاً، لدعم تعافيها من الوباء وتحقيق نمو مرن ومستدام".