بينما تتهافت مختلف الجهات في سوريا، الحكومية منها والتجارية والإعلامية، من أجل الترويج للطاقة المتجددة، ما زال ملف مولدات الأمبيرات في حلب يتصدر واجهة الأزمات التي شكلت معضلة حقيقية للأهالي، على مدى السنوات الماضية وحتى الآن.
في هذا السياق، أكدت صحف محلية مقربة من الحكومة، أن أهالي حلب ينفقون ما يقارب 24 مليار ليرة شهرياً قيمة استجرار الكهرباء من مولدات الأمبير، لتصف الرقم بالـ "كبير وربما خيالي".
ولطالما تعالت شكاوى الناس في حلب من الاستغلال والابتزاز الذي يمارسه أصحاب ومشغلو المولدات بحق المشتركين، خاصةً بعد ارتفاع سعر مادة المازوت إلى 500 ليرة للتر الواحد، والذي أدى بالمحصلة إلى زيادة كبيرة في سعر الأمبير الواحد بحيث تجاوز مبلغ 10 آلاف ليرة مؤخراً.
هذا وبالإضافة إلى عن بعض الممارسات والتجاوزات المرتكبة كزيادة الأسعار بشكل اعتباطي ومزاجي وتخفيض عدد ساعات التشغيل إلى أقل من 5 ساعات، بالإضافة إلى سوء المعاملة و "العنتريات" التي باتت السمة الأبرز التي يتصف بها أصحاب المولدات.
الحكومة لا تملك سوى حلول مؤجلة:
كل المعطيات المتوفرة والتي توثقها ساعات التقنين الطويلة تؤكد على عدم وجود خلاص من هذه المشكلة المتفاقمة على المدى القريب.
والخطط الحكومية للتعامل مع الأمر جميعها مؤجلة وقد تطول لسنوات قادمة نتيجة عدم استقرار واقع الشبكة الكهربائية وكثرة أعطالها وخروجها عن الخدمة في مواقع عدة.
ناهيك عن النقص الكبير في التغذية الكهربائية الواردة إلى المحافظة من المصدر، إذ لم تف الحكومة بوعودها التي أطلقتها خلال زياراتها المتكررة إلى حلب، وبقيت قراراتها حبراً على ورق. بل على العكس زادت ساعات التقنين خاصة في أوقات الذروة إلى أكثر من 10 ساعات متواصلة، ما تسبب في تعطيل دورة الحياة والعملية الإنتاجية.
مبالغ ضخمة يدفعها الناس لقاء القليل من الطاقة:
يقول أحد المواطنين، إنه يدفع شهريًا ما يعادل 70 ألف ليرة لقاء الحصول على 2 أمبير فقط. ويضيف آخر أن قضية مولدات الأمبيرات "مركبة ومتشعبة وغير قابلة للحل" مادام هناك من يستثمر ويستغل هذا القطاع ويجني يومياً مئات الألوف من الليرات.
وفي هذا السياق، يشير "أبو أيمن"، نيابة عن جيرانه في حي الأعظمية إلى أن ساعات التقنين الكهربائي وصلت في الآونة الأخيرة الى 20 ساعة قطع مقابل 4 ساعات وصل متفرقة، مؤكداً أن حال مولدات الأمبير بعد زيادة سعر مادة المازوت زاد سوءاً لجهة الجشع والاستغلال والتعامل غير اللائق من قبل أصحابها.
العم "أبو النور" في الحي المجاور، أشار إلى أنه يدفع أسبوعياً مبلغ 18 ألف ليرة أي 72 ألف ليرة شهرياً وهو راتب موظف من فئة الدرجة الأولى، ويضيف أبو النور: "لا يوجد أي خيار أمامنا لدرجة بتنا لا نستطيع أن نشتكي على صاحب المولدة خشية من أن نتسبب بقطع هذه الوسيلة الوحيدة عن باقي الأهالي."
أهالي باقي الأحياء وتحديداً في الجهة الشرقية من حلب لم تصلهم الشبكة حتى الآن وهم يعيشون تحت رحمة أصحاب المولدات الذين يستغلونهم "أبشع استغلال" على حد وصفهم.
أما العم "أبو سعيد العلي" من حي الشعار أشار إلى أنه وعلى الرغم من معاناته اليومية لا يجرؤ على تقديم أية شكوى خشية التعرض للإهانة من قبل صاحب المولدة، تاركاً الموضوع إلى الجهات الرقابية والمطلوب منها تشديد الرقابة وإلزام أصحاب المولدات بالتسعيرة المحددة وبعدد ساعات التشغيل وبتعويض الفاقد.
أصحاب المولدات يبررون:
أصحاب المولدات في حلب والتي يزيد عددها عن 1300 مولدة، أوضحوا أن عدم تقيدهم بالتسعيرة مرده عدم حصولهم على مخصصاتهم من مادة المازوت المدعوم بشكل منتظم واضطرارهم إلى شراء المادة من السوق السوداء بأسعار مرتفعة تجاوزت الـ 3 آلاف ليرة لليتر الواحد.
وذلك بدون ذكر التكلفة المتزايدة لعملية الصيانة والإصلاح وأسعار قطع التبديل وغيرها من الأمور المتعلقة بآلية استجرار الكهرباء من المولدة، وكل ذلك دفعهم إلى تقاضي أجور زائدة عن التسعيرة المعتمدة لتتناسب مع حجم نفقاتهم جراء التشغيل .