
يرتبط مفهوم السوق السوداء بالنسبة لأغلبنا بالسعر غير الرسمي لتداول الدولار في الأسواق، حيث يكون دائماً أكبر من سعر الصرف المعتمد عند الدولة بكثير، لكن هل يقتصر مفهوم السوق السوداء على ذلك وما هو مدى تأثيرها على اقتصاد الدول وكيف تحاول الحكومات التخلص منها؟ سنجاوب على كل هذه الأسئلة وأكثر في مقالنا أدناه فتابعوا معنا...
ما هي السوق السوداء؟
السوق السوداء أو “سوق الظل” كما يسميها البعض، هي مصطلحات اقتصادية تطلق على الأسواق غير الرسمية أو غير المرخصة التي تختص بكل ما يباع ويشترى من سلع أو خدمات خارج سيطرة أو رقابة الدولة، وتنشأ السوق السوداء في الغالب نتيجة قرارات اقتصادية خاطئة.
يتضمن مصطلح السوق السوداء عملية المتاجرة في السلع أو الخدمات الشرعية مثل تجارة العملة والمواد الغذائية والبترول وغيرها، ويمكن أن يطلق كذلك على تجارة السلع والخدمات المحرمة مثل المخدرات وتجارة الأعضاء وتجارة البشر وغيرها.
يشاع أن أول ظهور للسوق السوداء في التاريخ يعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية بسبب فرض قيود صارمة على بعض الأدوية والمواد الغذائية بهدف تضييق الحصار على بعض الدول واستغلال حاجتها، فبدأ الناس يتوجهون إلى تجارة السلع بشكل غير قانوني بدون رقابة الحكومات بعيداً عن الحروب والسياسة حيث الحاجة والعرض والطلب هو من يحكم.
تأثير السوق السوداء على اقتصاد الدول:
بينما تحقق التجارة في السوق السوداء عائدات وأرباح ضخمة لصالح التجار في معظم الأحيان وتمثل اقتصادا موازياً للاقتصاد الرسمي، لكنها في الجانب الآخر تسبب خسائر كبيرة للدولة، لأن الدولة لا تستطيع تحصيل ضرائب أو رسوم على تلك الأموال الضخمة والسلع المتداولة في السوق السوداء، حيث تعتمد الكثير من دول العالم في دخلها القومي بالدرجة الأولى على الضرائب.
لماذا يلجأ الناس والتجار إلى السوق السوداء بدلاً من التعاملات الرسمية؟
1-تكون أسعار السوق السوداء أحياناً أقل من سعر السوق الحقيقي خصوصاً حين يتعلق الأمر بالمنتجات الالكترونية غير المجمركة.
2- الخوف من أن يكون سعر الصرف الرسمي وهمي وبعيد عن الحقيقة، فمثلاً في سورية لن يقدم أحد بكامل قواه العقلية على بيع 1000$ للمصرف المركزي بسعر 1256 ليرة بينما يستطيع بيعها في السوق السوداء بضعف هذا السعر.
3- الهروب من الضرائب، حيث أنك لن تضطر أن تدفع أي ضريبة للدولة على عملك أو بضاعتك وستكون أرباحك ملكك أنت فقط بنسبة 100%.
كيف تواجه الحكومات السوق السوداء؟
بالنسبة لتداول العملة تضطر الحكومات غالباً إلى جعل قيمة عملتها مرتبطة بالعرض والطلب لتساوي بذلك قيمة السوق السوداء ويصبح من الممكن تصريفها بشكل رسمي فلا يعود هناك أي معنى لوجود سوق موازية تقوم بتداول العملة بعيداً عن سلطة الجهات الرسمية، وهذا ما يسمى بتعويم العملة وسنشرح عنه بمقال آخر في التفصيل مستقبلاً.
أما بالنسبة للضرائب على السلع والمستوردات فيمكن للحكومة أن تلغيها أو تخففها لمواجهة السوق السوداء لكن ذلك ليس القرار السليم بالنسبة للكثير من الحكومات والسبب ذكرناه سابقاً حيث يكون أحياناً جزء كبير من الدخل الوطني مصدره الضرائب.
تتخذ بعض الحكومات إجراءات أمنية ضد السوق السوداء، كعمليات المصادرة والاعتقال وملاحقة الصرافين والمهربين والخ... لكنها لا تجدي نفعاً في كثير من الأحيان، فكل ما بالأمر أن الأمور تصبح سرية أكثر ويبدأ أصحاب القوة باحتكار السوق ليؤدي ذلك بالتدريج إلى انتشار المافيات وما شابه.
احسنتم