يبدو أن توجه الإعلام المحلي في سورية، خصوصاً ذلك المحسوب أو المقرب من الحكومة، بات يتململ من إنكار الأزمة الاقتصادية الواضحة. وقد بان ذلك بوضوح حين اعترفت صحيفة الوطن بأن الليرة السورية تحولت إلى عبء على حامليها. وقد نقلت الصحيفة وصْف الدكتور في الاقتصاد محمد كوسا حال الحاملين لأموالهم بالعملة السورية كمن يقبض على الجمرة في يده أو جيبه، ويسعى للتخلص منها. وكانت إحدى الوسائل للتخلص من هذه "الجمرة" بالنسبة للبعض في سورية هي التملك العقاري. ويتجلى ذلك في ارتفاع نسب الطلب على العقارات بشكل يفوق العرض من شريحة تمتلك أموالاً أكثر للاستملاك.
الطلب على العقارات يشهد زيادة لافتة:
يقول صاحب مكتب عقاري في ضاحية قدسيا ل "الوطن"، إن عمليات البيع يتم تثبيتها في الحال ليضمن الزبون أن سعر العقار لن يرتفع بعد ساعة من الاتفاق، وذلك لأن أصحاب العقارات يسعرون في اللحظة مع كل حركة صعود للدولار.
وبذلك يرتفع سعر العقار بين ساعة وأخرى لمبالغ تتراوح بين 50 إلى 100 مليون ليرة! والحقيقة أنه في المتابعة الميدانية مع بعض المكاتب العقارية كانت السمة البارزة للتسعير هي بالدولار، وفي أغلب الأحيان القبض بالدولار من تحت الطاولات!
في السياق ذاته يؤكد الخبير العقاري الدكتور عمار يوسف وجود زيادة في الطلب على العقارات وصلت نسبتها إلى 30% مؤخراً، وأن هنالك ثقافة شائعة تسمى "ثقافة العقار"، والمقصود هنا ب "ثقافة العقار" هي أن العقار لا يخسر.
وقد عزز تذبذب أسعار الصرف أيضاً من زيادة الطلب على العقارات، بشكل جعل الناس يفضلون شراء العقار أكثر من الاحتفاظ بالدولار على حد تعبير الخبير. وسبب ذلك أن البنك المركزي يرفع السعر ومن ثم يخفضه بشكل لا يعطي شعوراً بالاستقرار.
وأضاف يوسف، أنه لا يوجد أي مبرر اقتصادي لهذه القفزة في الأسعار سوى إخفاق إدارة الجهاز المركزي في ضبط السعر.
صعوبة سحب الأموال من البنوك تعزز الطلب على العقار:
من القضايا التي طرحها الخبير العقاري وتساهم في زيادة الطلب على العقارات هو وجود معوقات في سحب أموال المودعين في البنوك المحلية، وتحديدها بمبلغ يومي لا يتجاوز المليون ليرة. وقد تسبب ذلك في جعل عملية سحب مبالغ كبيرة تحتاج إلى أشهر.
ورأى أن من مشاكل الاحتفاظ بالليرة السورية أيضاً الحجم الكبير للمبالغ الكبيرة، فمثلاً أسعار الكثير من العقارات وصلت إلى المليار ليرة وهذا المبلغ بالليرات السورية يحتاج إلى مستودع ليتسع له!
ويلقي د. يوسف باللائمة على إدارة البنك المركزي في تدني سعر الليرة، ووصفها بغير الموفقة، لأنها تسببت في العامين الماضيين بارتفاع أسعار الصرف إلى أكثر من 7 إلى 10 أضعاف، ونحو 100 ضعف على القيمة الأساسية، وهذا يعني انخفاض قيمة الدخول إلى ما يعادل 12 دولاراً فقط!
وكل هذا يدفع إلى التعامل بغير العملة المحلية من جهة، وإلى الإقبال على تثبيت الأموال بشراء العقارات من جهة أخرى.
قد يهمك أيضاً: تدهور الليرة يعسّر على المواطن السوري امتلاك العقارات... وتعديلات قانونية تيسره للأجانب