يقع العديد من المضاربين وتجار العملات في سوريا، في فخ الدعايات الإعلامية التي تصدرها جهات أو تجار أو أشخاص قد يكونوا مرتبطين بعلاقات مصالح مشبوهة مع البنك المركزي السوري، وقال المحلل الاقتصادي "يونس الكريم" في تصريح خاص لموقع "الليرة اليوم"، إن هناك توافقية بين مؤسسة النقد لدى الحكومة السورية وكثير من تجار الأموال في مناطقه ومناطق شمال سوريا وشرق سوريا، بهدف زعزعة سعر الصرف والحصول على مكاسب.
استغلال بث الإشاعات للتلاعب بسعر الصرف
وحول التلاعب بأسعار الصرف للإيهام بتحسن الليرة السورية، قال المحلل الاقتصادي "يونس الكريم"، إن اللعب بسعر الصرف يتم في سوق حلب من خلال مجموعة من الغرف النقدية، وأضاف: "المتعاونون مع الحكومة السورية في مناطق الشمال السوري، لم يعد لديهم أسلحة للتلاعب بسعر الصرف سوى مقالات صحفية وإشاعات تُبث هنا وهناك على المواقع الإلكترونية، حتى أن هناك منهم من يروج أن هدف إصدار الفئة المالية الجديدة بقيمة 5 آلاف هي استبدال التالف، وهذه إشاعات تصدرها الحكومة وتنشرها للاستفادة منها".
"فقاعات إعلامية" حول ضخ عملة أجنبية لتحسين الليرة السورية
استبعد المحلل الاقتصادي "يونس الكريم" صحة ما يتم تداوله مؤخراً حول ضخ روسيا أو غيرها للعملة الأجنبية في سوريا بهدف تحسين سعر الصرف واعتبره "غير دقيق أبداً"، بل خالفه الواقع حيث ارتفع سعر صرف الدولار 50 ليرة بدلاً من انخفاضه، بالتزامن مع انتشار الإشاعة بدلاً من التحسن، وقال: "روسيا لم تقدم دعماً مالياً حقيقياً إلى سوريا، ولا يمكن التعويل على هذا الأمر، وذلك لن يُجدِ نفعاً أساساً، وخاصة مع توقف مساعدات المانحين التي كانت تُدفع إلى سوريا بالعملة الصعبة.
والحديث عن ضخ عملات أجنبية من قبل روسيا أو حتى إيران ليس بالجديد، بل سبق وأن انتشرت معلومات حول ذلك أكثر من مرة مؤخراً، وهو في حال حدث -رغم استحالته بسبب الظروف الحالية- فمن المؤكد أنه لن يرفع الليرة السورية المتهالكة 10 ليرات فقط، ناهيك عن استيعاب روسيا وإيران عدم جدوى إحراق مزيد من عملتهما الصعبة على اقتصاد ميت سريرياً، وهو أشبه بالنفخ بقربة مخروقة بل ممزقة.
والحديث هذا يوصلنا إلى إشاعة أخرى أكثر استحالة، وهي الحديث عن قيام الحكومة السورية بضخ المزيد من العملات الأجنبية لتحسين وضع الليرة السورية، وهو ما لا يمكن أن يحدث بسبب نفاد جميع الاحتياطي السوري من القطع الأجنبي، بل عدم توفر ما لا غنى عنه من الدولارات لتغطية مستوردات الحكومة السورية من المحروقات والقمح وغيرهما.
الترويج لتحسن العملة بهدف زعزعة أسعار الصرف
تؤثر الدعايات الإعلامية التي يبثها البنك المركزي السوري، أو متعاونون معه في دمشق وشمال سوريا، حول حصول تحسن في سعر الصرف، فيتأثر صغار المضاربين بحدوث فرق وهمي وبسيط جداً في سعر الصرف، ويثير ذلك رغبتهم في الحصول على أرباح.
ثم يتطور الأمر ليظهر على شكل تنافس للحصول على الأموال وطلب الحصول على الليرة السورية، لإشعار الصرافين بأهميتهم وبأنهم جزء من هذه اللعبة، غير أن الليرة السورية لا أهمية لها للبنك المركزي بقدر حصوله على الدولار.
المراوغة من خلال "حبس السيولة"
ومن أدوات تلاعب البنك المركزي السوري في سعر صرف الليرة السورية، لجوءه إلى "حبس السيولة" ووقف تداول النقد وكمش الودائع المتوافرة في الحسابات الجارية وحسابات الادّخار لفترة من الزمن بهدف رفع الطلب على العملة والتأثير على سعرها، ثم إطلاق السيولة والحصول على مكاسب إحداث فارق سعر وهمي وبسيط يقنع به المضاربين بتحسن الليرة السورية، غير أنه لا يربو عن وصفه "فقاعة سريعة التلاشي".
وحول ذلك قال "يونس الكريم" إن البنك المركزي منذ 2018 لم يكن لديه وسائل للعب بسعر سوق الصرف والتأثير عليه سوى (حبس السيولة والقبضة الإعلامية)، ثم انهارت القدرة الشرائية من خلال حبس السيولة عن المصارف وإعلان المزايدات المصرفية، ثم منع منح القروض وتوسعة الائتمانات… ولكن الآن حتى القدرة على حبس السيولة تراجعت كثيراً إلى حد العجز لأنه لم يعد اللاعب الوحيد المؤثر، في ظل الانهيار الاقتصادي وحدوث أزمات جديدة قاتلة كالعقوبات الأمريكية وأزمة البنوك اللبنانية وظروف كورونا.
هل يمكن لليرة السورية التحسن أو الاستقرار؟
وبحسب المحلل الاقتصادي فإنه من الصعب حدوث تحسن ملحوظ لقيمة الليرة في ظل الظروف الاقتصادية السيئة المحيطة، فحدوث تحسن طفيف كل فترة لا يتجاوز عشرات الليرات أو ثبات سعر صرفها عدة أيام لا يمكن تسميته تحسناً أبداً، بل هو لإشعار المضاربين بأنهم جزء من اللعبة وبأنهم بإمكانهم تحقيق أرباح وبالتالي إشراكهم باللعبة وإقناعهم بضخ الدولار في سوق الصرافة ورفع تداول الليرة السورية.
واختتم “يونس الكريم” تصريحاته لموقع “الليرة اليوم” بقوله: إن كل فئة نقدية سورية حالياً باتت غير مغطاة ولم يعد بالإمكان التعويل على تحسنها أبداً، وستستمر بالانهيار وفقدان قيمتها… وأضاف: إن فئات الليرة السورية الجديدة بالتداول لا قيمة فعلية لها، والإصدارات الصغيرة القديمة المحكومة في مطابع بروكسل باتت خارج التداول بسبب التضخم وفقدان القيمة، والمواطنون الذين يرغبون بالاحتفاظ بمدخراتهم عليهم أن الابتعاد عن فئات الجديدة، كونها أداة لجمع الدولارات ولا حصر لعدد طبعاتها وحجمها بالسوق.
شارك
